٤٢٣ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ. فَقَالَ: صَلَّيْتَ؟ قَالَ لَا. قَالَ: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
النَّهْيِ هُنَا وَعُمُومُ الْوُجُوبِ فِيهِمَا وَتَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا لِعُمُومِ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ مِنْ دُونِ مُرَجِّحٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ " لَغَوْتَ "، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ أَنَّ اللَّغْوَ مَا لَا يَحْسُنُ وَقِيلَ: بَطَلَتْ فَضِيلَةُ جُمُعَتِك وَصَارَتْ ظُهْرًا
(وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَقَالَ: صَلَّيْتَ قَالَ: لَا، قَالَ: قُمْ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) الرَّجُلُ هُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ سَمَّاهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَقِيلَ: غَيْرُهُ وَحُذِفَتْ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ مِنْ قَوْلِهِ " صَلَّيْتَ "، وَأَصْلُهُ أَصَلَّيْتَ. وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ لَهُ: " أَصَلَّيْتَ "، وَقَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ. وَسُلَيْكٌ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَ اللَّامِ مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مُصَغَّرُ (الْغَطَفَانِيُّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، فَطَاءٌ مُهْمَلَةٌ بَعْدَهَا فَاءٌ، وَقَوْلُهُ " صَلِّ رَكْعَتَيْنِ " وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَصَفَهُمَا بِخَفِيفَتَيْنِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (بَابُ: مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)
، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ تُصَلَّى حَالَ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ الْآلِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْمُحَدِّثِينَ وَيُخَفِّفُ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ إلَى عَدَمِ شَرْعِيَّتِهِمَا حَالَ الْخُطْبَةِ.
وَالْحَدِيثُ هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ تَأَوَّلُوهُ بِأَحَدَ عَشَرَ تَأْوِيلًا كُلِّهَا مَرْدُودَةٍ سَرَدَهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي بِرُدُودِهَا، وَنَقَلَ ذَلِكَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الشَّرْحِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ وَذَلِكَ عَامٌّ؛ وَلِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ قُرْآنًا وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الرَّجُلَ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ، وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ: أَنْصِتْ، وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ.
وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا أَمْرُ الشَّارِعِ، وَهَذَا أَمْرُ الشَّارِعِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ أَمْرَيْهِ بَلْ الْقَاعِدُ يُنْصِتُ وَالدَّاخِلُ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ.
وَبِإِطْبَاقِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ عَلَى مَنْعِ النَّافِلَةِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَهَذَا الدَّلِيلُ لِلْمَالِكِيَّةِ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ إجْمَاعُهُمْ حُجَّةً لَوْ أَجْمَعُوا كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ دَعْوَى إجْمَاعِهِمْ فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَهُ أَنَّ «أَبَا سَعِيدٍ أَتَى وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ فَصَلَّاهُمَا فَأَرَادَ حَرَسُ مَرْوَانَ أَنْ يَمْنَعُوهُ فَأَبَى حَتَّى صَلَّاهُمَا ثُمَّ قَالَ: مَا كُنْتُ لَأَدَعُهُمَا بَعْدَ أَنْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِهِمَا».
، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلَا صَلَاةَ