١١٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصَّعِيدُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ. فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ». رَوَاهُ الْبَزَّارُ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، لَكِنْ صَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ إرْسَالَهُ.
فَضَعِيفٌ، أَوْ مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَالرَّاجِحُ عَدَمُ رَفْعِهِ.
فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جُهَيْمٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ مُجْمَلًا، وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ فَوَرَدَ بِلَفْظِ الْكَفَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَبِلَفْظِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّنَنِ، وَفِي رِوَايَةٍ إلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ. وَفِي رِوَايَةٍ إلَى الْآبَاطِ؛ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْمِرْفَقَيْنِ وَكَذَا نِصْفُ الذِّرَاعِ فَفِيهِمَا مَقَالٌ؛ وَأَمَّا رِوَايَةُ الْآبَاطِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنْ كَانَ ذَلِكَ وَقَعَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبِكُلِّ تَيَمُّمٍ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْحُجَّةُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ، وَيُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَنَّ عَمَّارًا كَانَ يُفْتِي بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَرَاوِي الْحَدِيثِ أَعْرَفُ بِالْمُرَادِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا سِيَّمَا الصَّحَابِيُّ الْمُجْتَهِدُ.
وَعَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الصَّعِيدُ هُوَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ التُّرَابُ؛ وَعَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَنَّهُ وَجْهُ الْأَرْضِ تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ صَخْرًا لَا تُرَابَ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ [وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ] فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَسْمِيَةِ التَّيَمُّمِ وُضُوءًا. [فَإِذَا وَجَدَ] أَيْ الْمُسْلِمُ [الْمَاءَ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ]. رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ضَبْطِ أَلْفَاظِهِمَا وَالتَّعْرِيفِ بِحَالِهِمَا، لَكِنْ صَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ إرْسَالَهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ: إرْسَالُهُ أَصَحُّ.
وَفِي قَوْلِهِ: " إذَا وَجَدَ الْمَاءَ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَجَبَ إمْسَاسُهُ بَشَرَتَهُ، وَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ: إنَّ التُّرَابَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ لِمَا سَلَفَ مِنْ جَنَابَةٍ، فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ؛ وَإِنَّمَا أَبَاحَ لَهُ التُّرَابَ الصَّلَاةُ لَا غَيْرُ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا عَادَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجَنَابَةِ، وَلِذَا قَالُوا: لَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ تَيَمُّمٍ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ " عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ "، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ: [أَصَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ] وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: [إنَّ عَمْرًا صَلَّى بِهِمْ وَهُوَ جُنُبٌ] فَأَقَرَّهُمْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ جُنُبًا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ التُّرَابَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ يَرْفَعُ الْجَنَابَةَ وَيُصَلِّي بِهِ مَا شَاءَ، وَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّهُ إلَّا لِلْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ بَدَلًا عَنْ الْمَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute