١٣٠١ - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَرَابَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى مِنْكُمْ السَّرَائِرَ. وَادْرَأْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ وَالْقَلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّي بِالنَّاسِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ، وَالتَّنَكُّرَ عِنْدَ الْخُصُومَاتِ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ عِنْدَ مَوَاطِنِ الْحَقِّ، يُوجِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْأَجْرَ، وَيُحْسِنُ بِهِ الذِّكْرَ، فَمَنْ خَلَصَتْ نِيَّتُهُ فِي الْحَقِّ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ كَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ تَخَلَّقَ لِلنَّاسِ بِمَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ شَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعِبَادِ إلَّا مَا كَانَ خَالِصًا؛ فَمَا ظَنُّك بِثَوَابٍ مِنْ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ، وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ وَالسَّلَامُ اهـ ".
وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عَهْدٍ عَهِدَهُ إلَى الْأَشْتَرِ لَمَّا وَلِي مِصْرَ فِيهِ عِدَّةُ مَصَالِحَ وَآدَابَ وَمَوَاعِظَ وَحِكَمٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي النَّهْجِ لَمْ أَنْقُلْهُ لِشُهْرَتِهِ. وَقَدْ أَخَذَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يَنْقُضُ الْقَاضِي حُكْمَهُ إذَا أَخْطَأَ وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إحْدَاهُمَا فَقَالَتْ: هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا: إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِك وَقَالَتْ الْأُخْرَى إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِك فَتَحَاكَمَتَا إلَى دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا إلَى سُلَيْمَانَ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ فَقَالَتْ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُك اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى» وَلِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ: قَوْلٌ إنَّهُ يَنْقُضُهُ إذَا أَخْطَأَ، وَالْآخَرُ لَا يَنْقُضُهُ لِحَدِيثِ " وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ " (قُلْت) وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ: أَخْطَأَ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ الْحَقِّ وَهَذَا الْخَطَأُ لَا يُعْلَمْ إلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ بِوَحْيٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْكَلَامُ فِي الْخَطَإِ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ عَدَمِ اسْتِكْمَالِ شَرَائِطِ الْحُكْمِ أَوْ نَحْوِهِ.
(وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) النَّهْيُ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَتَرْجَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَهُ بِبَابِ كَرَاهَةِ قَضَاءِ الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ. وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ بِبَابِ هَلْ يَقْضِي الْقَاضِي أَوْ يُفْتِي الْمُفْتِي وَهُوَ غَضْبَانُ؟ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِالْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا حَمَلُوهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ نَظَرًا إلَى الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِذَلِكَ وَهِيَ أَنَّهُ لَمَّا رَتَّبَ النَّهْيَ عَلَى الْغَضَبِ وَالْغَضَبُ بِنَفْسِهِ لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ لِمَنْعِ الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِحُصُولِهِ وَهُوَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ وَمَشْغَلَةُ الْقَلْبِ عَنْ اسْتِيفَاءِ مَا يَجِبُ مِنْ النَّظَرِ وَحُصُولِ هَذَا قَدْ يُفْضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute