٣٧٨ - «وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاسِ وَهُوَ مَرِيضٌ - قَالَتْ: فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَالشَّافِعِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَفِيهِ " هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ " وَقَدْ طَوَّلَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَدْ كَتَبْنَا فِيهِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً جَوَابَ سُؤَالٍ وَأَبَنَّا فِيهَا عَدَمَ نُهُوضِ الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ.
، وَالْحَدِيثُ أَفَادَ أَنَّهُ يُخَفِّفُ الْإِمَامُ فِي قِرَاءَتِهِ وَصَلَاتِهِ وَقَدْ عَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِقْدَارَ الْقِرَاءَةِ وَيَأْتِي حَدِيثُ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ».
«وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاسِ وَهُوَ مَرِيضٌ قَالَتْ فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ» هَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي (بَابِ الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ) تَعْيِينُ مَكَانِ جُلُوسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا هُوَ مَقَامُ الْإِمَامِ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ فِي (بَابِ حَدُّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ) بِلَفْظِ " جَلَسَ إلَى جَنْبِهِ " وَلَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ مَحَلَّ جُلُوسِهِ لَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ عَيَّنَ الْمَحَلَّ فِي رِوَايَةٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: " أَنَّهُ عَنْ يَسَارِهِ " قُلْت: حَيْثُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ فَهِيَ تُبَيِّنُ مَا أُجْمِلَ فِي أُخْرَى وَبِهِ يَتَّضِحُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إمَامًا فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وُقُوفُ الْوَاحِدِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ لِيُبَلِّغَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ أَوْ لِكَوْنِهِ كَانَ إمَامًا أَوَّلَ الصَّلَاةِ أَوْ لِكَوْنِ الصَّفِّ قَدْ ضَاقَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحْتَمَلَاتِ وَمَعَ عَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَوْلُهَا " يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ " يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاقْتِدَاءُ عَلَى جِهَةِ الِائْتِمَامِ فَيَكُونَ أَبُو بَكْرٍ إمَامًا وَمَأْمُومًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا كَانَ مُبَلِّغًا وَلَيْسَ بِإِمَامٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِي غَيْرِهِ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وَوَرَدَتْ الرِّوَايَاتُ بِمَا يُفِيدُ هَذَا وَمَا يُفِيدُ هَذَا لَكِنَّا قَدَّمْنَا ظُهُورَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ الْإِمَامَ فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ ذَهَبَ إلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فَرَجَّحَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ الْإِمَامَ لِوُجُوهٍ مِنْ التَّرْجِيحِ مُسْتَوْفَاةٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَفِي الشَّرْحِ بَعْضٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَتَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الثَّلَثِمِائَةِ وَسِتَّةٍ وَسَبْعُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute