١٧٩ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْجِعَ، فَيُنَادِيَ أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَضَعَّفَهُ.
١٨٠ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
لَهُ: أَصْبَحْت أَصْبَحْت " مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بَعْدَ دُخُولِ الْفَجْرِ، وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَمَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: " أَصْبَحْت أَصْبَحْت " قَارَبْت الصَّبَاحَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ، وَأَذَانُهُ يَقَعُ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، وَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا أَذَانُ اثْنَيْنِ مَعًا فَمَنَعَهُ قَوْمٌ وَقَالُوا: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ بَنُو أُمَيَّةَ؛ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ بِذَلِكَ تَشْوِيشٌ.
قُلْت: فِي هَذَا الْمَأْخَذِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ بِلَالًا لَمْ يَكُنْ يُؤَذِّنُ لِلْفَرِيضَةِ كَمَا عَرَفْت، بَلْ الْمُؤَذِّنُ لَهَا وَاحِدٌ هُوَ " ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ".
وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُؤَذِّنِ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، وَعَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ الْوَاحِدِ، وَعَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ، إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ، وَعَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الصَّوْتِ فِي الرِّوَايَةِ إذَا عَرَفَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ الرَّاوِي، وَعَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الرَّجُلِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْعَاهَةِ إذَا كَانَ الْقَصْدُ التَّعْرِيفَ بِهِ وَنَحْوَهُ، وَجَوَازِ نِسْبَتِهِ إلَى أُمِّهِ، إذَا اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ.
وَعَنْ " ابْنِ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ: أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَضَعَّفَهُ، فَإِنَّهُ قَالَ عَقِبَ إخْرَاجِهِ: هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَيُّوبَ إلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ؛ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ؛ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ هُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَأَخْطَأَ فِيهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ: لَا يُشْرَعُ الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُقَاوِمُ الْحَدِيثَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَبْلَ شَرْعِيَّةِ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ كَانَ بِلَالٌ هُوَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ " أَنْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ أَلْفَاظَ الْأَذَانِ؛ ثُمَّ اتَّخَذَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ " بَعْدَ ذَلِكَ مُؤَذِّنًا مَعَ " بِلَالٍ "، فَكَانَ " بِلَالٌ " يُؤَذِّنُ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ، لِمَا ذَكَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فَائِدَةِ أَذَانِهِ، ثُمَّ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَذَّنَ " ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute