. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ] هُوَ: أَبُو بَكْرٍ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي حَقِّهِ: الْحَافِظُ الْعَدِيمُ النَّظِيرِ، الثَّبْتُ النِّحْرِيرُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، صَاحِبُ الْمُسْنَدِ وَالْمُصَنَّفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُد، وَابْنِ مَاجَهْ [وَاللَّفْظُ لَهُ] أَيْ لَفْظُ الْحَدِيثِ السَّابِقِ سَرْدُهُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، مِمَّنْ ذُكِرَ أَخْرَجُوهُ بِمَعْنَاهُ [وَ] صَحَّحَهُ [ابْنُ خُزَيْمَةَ] بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَزَايٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ فَتَاءِ تَأْنِيثٍ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ: الْحَافِظُ الْكَبِيرُ إمَامُ الْأَئِمَّةِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، انْتَهَتْ إلَيْهِ الْإِمَامَةُ وَالْحِفْظُ فِي عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ [وَ] صَحَّحَهُ [التِّرْمِذِيُّ] أَيْضًا، فَقَالَ عَقِبَ سَرْدِهِ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَسَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
هَذَا لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ لِلْحَافِظِ الْمُنْذِرِيِّ، وَحَقِيقَةُ الصَّحِيحِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ مَا نَقَلَهُ: عَدْلٌ تَامُّ الضَّبْطِ عَنْ مِثْلِهِ مُتَّصِلُ السَّنَدِ غَيْرُ مُعَلٍّ وَلَا شَاذٍّ؛ هَذَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي التَّلْخِيصِ مِنْ تِسْعِ طُرُقٍ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ تَخْلُ طَرِيقٌ مِنْهَا عَنْ مَقَالٍ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَزَمَ بِصِحَّتِهِ مَنْ سَمِعْت، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّةِ جُمْلَةٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ لَا تَبْلُغُ دَرَجَةَ هَذَا وَلَا تُقَارِبُهُ.
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ، تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، وَتَدَاوَلَهُ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ، وَرَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ، ثُمَّ عُدَّ مَنْ رَوَاهُ وَمَنْ صَحَّحَهُ.
وَالْحَدِيثُ وَقَعَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ: أَنَّ " أَبَا هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: [جَاءَ رَجُلٌ] وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ [مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ] وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ [اسْمُهُ " عَبْدُ اللَّهِ " إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ؛ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِهِ؟» وَفِي لَفْظِ " أَبِي دَاوُد " بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» فَأَفَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَاءَ الْبَحْرِ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ، لَا يَخْرُجُ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ بِحَالٍ إلَّا مَا سَيَأْتِي مِنْ تَخْصِيصِهِ بِمَا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ، وَلَمْ يَجِبْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: نَعَمْ، مَعَ إفَادَتِهَا الْغَرَضَ، بَلْ أَجَابَ بِهَذَا اللَّفْظِ لِيَقْرِنَ الْحُكْمَ بِعِلَّتِهِ وَهِيَ الطَّهُورِيَّةُ الْمُتَنَاهِيَةُ فِي بَابِهَا، وَكَأَنَّ السَّائِلَ لَمَّا رَأَى مَاءَ الْبَحْرِ خَالَفَ الْمِيَاهَ بِمُلُوحَةِ طَعْمِهِ وَنَتْنِ رِيحِهِ؛ تَوَهَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ مِنْ قَوْله تَعَالَى - {فَاغْسِلُوا} أَيْ بِالْمَاءِ الْمَعْلُومِ إرَادَتُهُ مِنْ قَوْلِهِ {فَاغْسِلُوا}، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا عَرَفَ مِنْ قَوْله تَعَالَى - {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} ظَنَّ اخْتِصَاصَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَأَفَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُكْمَ، وَزَادَهُ حُكْمًا لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ، وَهُوَ حِلُّ الْمَيْتَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمَّا عَرَفَ اشْتِبَاهَ الْأَمْرِ عَلَى السَّائِلِ فِي مَاءِ الْبَحْرِ أَشْفَقَ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ حُكْمُ مَيْتَتِهِ، وَقَدْ يُبْتَلَى بِهَا رَاكِبُ الْبَحْرِ، فَعَقَّبَ الْجَوَابَ عَنْ سُؤَالِهِ بِبَيَانِ حُكْمِ الْمَيْتَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute