وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: «فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوهُ عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ التَّمْرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا فَقَرُّوا بِهَا، حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -». وَلِمُسْلِمٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَهُمْ شَطْرُ ثَمَرِهَا»
(عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -». وَلِمُسْلِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَهُمْ شَطْرُ ثَمَرِهَا» الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَحْمَدَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ إنَّهُمَا تَجُوزَانِ مُجْتَمِعَتَيْنِ وَتَجُوزُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مُنْفَرِدَةً وَالْمُسْلِمُونَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى الْعَمَلِ بِالْمُزَارَعَةِ. وَقَوْلُهُ مَا شِئْنَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً، وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ إلَّا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَالْإِجَارَةِ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ " مَا شِئْنَا " عَلَى مُدَّةِ الْعَهْدِ وَأَنَّ الْمُرَادَ نُمَكِّنُكُمْ مِنْ الْمُقَامِ فِي خَيْبَرَ مَا شِئْنَا ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ إذَا شِئْنَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَازِمًا عَلَى إخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَة الْعَرَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ فَإِنَّ مُدَّتَهَا مَعْلُومَةٌ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ: فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ بِجُزْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ وَلَمْ يُنْسَخْ أَلْبَتَّةَ وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُؤَاجَرَةِ فِي شَيْءٍ بَلْ مِنْ بَابِ الْمُشَارَكَةِ وَهُوَ نَظِيرُ الْمُضَارَبَةِ سَوَاءً فَمَنْ أَبَاحَ الْمُضَارَبَةَ وَحَرَّمَ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ إلَيْهِمْ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِمْ الْبَذْرَ وَلَا كَانَ يَحْمِلُ إلَيْهِمْ الْبَذْرَ مِنْ الْمَدِينَةِ قَطْعًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَدْيَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَامِلِ وَهَذَا كَانَ هَدْيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَدْيَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِهِ، وَكَمَا أَنَّهُ هُوَ الْمَنْقُولُ فَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّ الْأَرْضَ بِمَنْزِلَةِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَالْبَذْرُ يَجْرِي مَجْرَى سَقْيِ الْمَاءِ، وَلِهَذَا يَمُوتُ فِي الْأَرْضِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ لَاشْتَرَطَ عَوْدَهُ إلَى صَاحِبِهِ وَهَذَا يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ، فَعُلِمَ أَنَّ الْقِيَاسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute