٥٠٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: وَاَللَّهِ مَا نَدْرِي نُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ لَا؟. الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد
فَقَالَ: غُسْلُ الْمَيِّتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّنْظِيفِ فَيُجْزِئُ الْمَاءُ الْمُضَافُ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ، وَقَالُوا: إنَّمَا يُكْرَهُ؛ لِأَجْلِ السَّرَفِ.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ غُسْلٌ تَعَبُّدِيٌّ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الِاغْتِسَالَاتِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَحْنِيطِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا عَرَفْت وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ كَوْنُهُ مَاتَ مُحْرِمًا فَإِذَا انْتَفَتْ الْعِلَّةُ انْتَفَى النَّهْيُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَنُوطَ لِلْمَيِّتِ كَانَ أَمْرًا مُتَقَرِّرًا عِنْدَهُمْ.
وَفِيهِ أَيْضًا النَّهْيُ عَنْ تَخْمِيرِهِ وَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ؛ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ فَمَنْ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ يُحَنَّطُ وَيُخَمَّرُ رَأْسُهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْإِحْرَامِ بِالْمَوْتِ كَمَا تَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الشَّرْحِ خِلَافَهُمْ، وَأَدِلَّتَهُمْ وَلَيْسَتْ بِنَاهِضَةٍ عَلَى مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَلَا حَاجَةَ إلَى سَرْدِهَا.
وَقَوْلُهُ: " وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ " يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّكْفِينِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَاتَ فِيهِمَا، وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ الْفَاضِلَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَهُ غَيْرَهُمَا، وَأَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا وَوَرَدَ الثَّوْبَانِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُطْلَقَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ فِي ثَوْبَيْهِ وَلِلنَّسَائِيِّ فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِيهِمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثِيَابِ إحْرَامِهِ، وَأَنَّ إحْرَامَهُ بَاقٍ، وَأَنَّهُ لَا يُكَفَّنُ فِي الْمَخِيطِ وَفِي قَوْلِهِ: " يُبْعَثُ مُلَبِّيًا " مَا يَدُلُّ لِمَنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ طَاعَةٍ ثُمَّ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَمَامِهَا بِالْمَوْتِ أَنَّهُ يُرْجَى لَهُ أَنْ يَكْتُبَهُ اللَّهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ.
(وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: وَاَللَّهِ مَا نَدْرِي نُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ لَا - الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد) وَتَمَامُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد " فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَذَقَنُهُ فِي صَدْرِهِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ اغْسِلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيُدَلِّكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ " وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ " لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا غَسَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute