٧٣٥ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهَا تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَتُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ: لَا، هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
الْجَمَلَ وَصِفِّينَ تُوُفِّيَ أَوَّلَ زَمَنِ مُعَاوِيَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ قَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» هُوَ مَا خَلَصَ عَنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ لِتَنْفِيقِ السِّلْعَةِ وَعَنْ الْغِشِّ فِي الْمُعَامَلَةِ (رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) وَرَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمِشْكَاةِ وَعَزَاهُ لِأَحْمَدَ وَأَخْرَجَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ أَيْضًا عَنْ رَافِعٍ ذَكَرَهُ فِي مُسْنَدِهِ قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِرِفَاعَةِ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنُ خَدِيجٍ فَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَعَبَايَةُ هُوَ ابْنُ رِفَاعَةَ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَيَكُونُ سَقَطَ عَلَى الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَقْرِيرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الطَّبَائِعُ مِنْ طَلَبِ الْمَكَاسِبِ وَإِنَّمَا سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَطْيَبِهَا أَيْ أَحَلِّهَا وَأَبْرَكِهَا. وَتَقْدِيمُ عَمَلِ الْيَدِ عَلَى الْبَيْعِ الْمَبْرُورِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ الْآتِي وَدَلَّ عَلَى أَطْيَبِيَّةِ التِّجَارَةِ الْمَوْصُوفَةِ، وَلِلْعُلَمَاءِ خِلَافٌ فِي أَفْضَلِ الْمَكَاسِبِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أُصُولُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَالتِّجَارَةُ وَالصَّنْعَةُ قَالَ: وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَطْيَبَهَا التِّجَارَةُ قَالَ وَالْأَرْجَحُ عِنْدِي أَنَّ أَطْيَبَهَا الزِّرَاعَةُ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ، وَتَعَقَّبَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَامِ مَرْفُوعًا «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُد كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّ أَطْيَبَ الْمَكَاسِبِ مَا كَانَ بِعَمَلِ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ زِرَاعَةً فَهُوَ أَطْيَبُ الْمَكَاسِبِ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ عَمَلَ الْيَدِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّوَكُّلِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْعِ الْعَامِّ لِلْآدَمِيِّ وَلِلدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَفَوْقَ ذَلِكَ «مَا يُكْسَبُ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بِالْجِهَادِ وَهُوَ مَكْسَبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَشْرَفُ الْمَكَاسِبِ» لِمَا فِيهِ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى قِيلَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَسْبِ الْيَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute