١٠١٣ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يَثْبُتُ.
عَازِمًا عَلَى الْفِعْلِ فَيُخَافُ مِنْهُ الْوُقُوعُ فِيمَا يَحْرُمُ، فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسَارِعَ بِقَطْعِهِ إذَا خَطَرَ.
وَأَمَّا احْتِجَاجُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ بِالْكُفْرِ وَالرِّيَاءِ، فَلَا يَخْفَى أَنَّهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ فَهُمَا مَخْصُوصَانِ مِنْ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِقَادَ وَقَصْدَ الرِّيَاءِ قَدْ خَرَجَا عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ. وَأَمَّا الْمُصِرُّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَالْإِثْمُ عَلَى عَمَلِ الْمَعْصِيَةِ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْإِصْرَارِ، فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتُبْ عَنْهَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَتَبَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَزَمَ بِقَلْبِهِ وَعَمِلَ بِكِتَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَشَرَطَ مَالِكٌ فِيهِ الْإِشْهَادَ عَلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا يَثْبُتُ)، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ إنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَكَذَا قَالَ فِي أَوَاخِرِ الْأَرْبَعِينَ لَهُ اهـ. وَلِلْحَدِيثِ أَسَانِيدُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ إنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ أَسَانِيدِهِ، فَقَالَ هَذِهِ أَحَادِيثُ مُنْكَرَةٌ كُلُّهَا مَوْضُوعَةٌ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي الْعِلَلِ سَأَلْت أَبِي عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ جِدًّا، وَقَالَ لَيْسَ يُرْوَى هَذَا إلَّا عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَنَقَلَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ مَرْفُوعٌ، فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ الْأُخْرَوِيَّةَ مِنْ الْعِقَابِ مَعْفُوَّةٌ عَنْ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ إذَا صَدَرَتْ عَنْ خَطَأٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ إكْرَاهٍ. وَأَمَّا ابْتِنَاءُ الْأَحْكَامِ وَالْآثَارِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهَا، فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَاخْتَلَفُوا فِي طَلَاقِ النَّاسِي فَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَرَاهُ كَالْعَمْدِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَعَنْ عَطَاءٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا لِلْحَدِيثِ وَكَذَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْخَاطِئِ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ يَقَعُ وَاخْتُلِفَ فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ فَعِنْدَ الْجَمَاهِيرِ لَا يَقَعُ.
وَيُرْوَى عَنْ النَّخَعِيِّ وَبِهِ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ إنَّهُ يَقَعُ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}، وَقَالَ عَطَاءٌ الشِّرْكُ أَعْظَمُ مِنْ الطَّلَاقِ وَقَرَّرَ الشَّافِعِيُّ الِاسْتِدْلَالَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا وَضَعَ الْكُفْرَ عَمَّنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute