للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ. وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ.

نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: سِتٍّ وَسِتِّينَ. «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ أَيْ مِنْ أَكْلِهَا قَالَ: إنْ شِئْت، قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ». [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ]

وَرَوَى نَحْوَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ " قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ». قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لَمْ أَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، لِعَدَالَةِ نَاقِلِيهِ.:

وَالْحَدِيثَانِ دَلِيلَانِ عَلَى نَقْضِ لُحُومِ الْإِبِلِ لِلْوُضُوءِ، وَأَنَّ مَنْ أَكَلَهَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَقَالَ بِهَذَا أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَاخْتَارَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَحَكَاهُ عَنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا.

وَحَكَى عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِي لُحُومِ الْإِبِلِ قُلْت بِهِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدْ صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ: حَدِيثُ جَابِرٍ "، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ "، وَذَهَبَ إلَى خِلَافِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ وَالْهَادَوِيَّةِ.

وَيُرْوَى عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ قَالُوا: وَالْحَدِيثَانِ إمَّا مَنْسُوخَانِ بِحَدِيثِ «إنَّهُ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَمَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ".

قَالَ النَّوَوِيُّ: دَعْوَى النَّسْخِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ عَامٌّ وَذَلِكَ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَكَلَامُهُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ مُطْلَقًا، تَقَدَّمَ الْخَاصُّ أَوْ تَأَخَّرَ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلَافِيَّةٌ فِي الْأُصُولِ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ التَّنْظِيفُ، وَهُوَ غَسْلُ الْيَدِ، لِأَجْلِ الزُّهُومَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ اللَّبَنِ، وَأَنَّ لَهُ دَسَمًا، وَالْوَارِدُ فِي اللَّبَنِ التَّمَضْمُضُ مِنْ شُرْبِهِ.

وَذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْوُضُوءِ، مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلْإِيجَابِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْأَمْرِ، أَمَّا لُحُومُ الْغَنَمِ فَلَا نَقْضَ بِأَكْلِهَا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا قِيلَ، وَلَكِنْ حُكِيَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وُجُوبُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ.

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ أَكْلِ السُّكَّرِ.

قُلْت: وَفِي الْحَدِيثِ مَأْخَذٌ لِتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، فَإِنَّهُ حَكَمَ بِعَدَمِ نَقْضِ الْأَكْلِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، وَأَجَازَ لَهُ الْوُضُوءَ، وَهُوَ تَجْدِيدٌ لِلْوُضُوءِ عَلَى الْوُضُوءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>