٢٥٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً، قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَسَأَلْته، فَقَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
٢٥٥ - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ
فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصْعَدُ إلَيْهِ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَمَعْنَى: " أَنَا بِك وَإِلَيْك " أَيْ الْتِجَائِي وَانْتِهَائِي إلَيْك، وَتَوْفِيقِي بِك، وَمَعْنَى: " تَبَارَكْت " اسْتَحْقَقْت الثَّنَاءَ، أَوْ ثَبَتَ الْخَيْرُ عِنْدَك، فَهَذَا مَا يُقَالُ فِي الِاسْتِفْتَاحِ مُطْلَقًا.
[وَفِي رِوَايَةٍ] أَيْ لِمُسْلِمٍ [أَنَّ ذَلِكَ] كَانَ يَقُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ] وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمَكْتُوبَةِ، وَأَنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَرَدَّ فِيهَا، فَعَلَى كَلَامِهِ هُنَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَا هَذَا الذَّكَرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَامٌّ، وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ بَيْنَ قَوْلِهِ عَقِيبَ التَّكْبِيرِ، أَوْ قَوْلِ مَا أَفَادَهُ
[وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ] أَيْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ [سَكَتَ هُنَيْهَةً] بِضَمِّ الْهَاءِ فَنُونٌ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ فَهَاءٌ مَفْتُوحَةٌ فَتَاءٌ: أَيْ سَاعَةً لَطِيفَةً [قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ فَسَأَلْتُهُ] أَيْ عَنْ سُكُوتِهِ مَا يَقُولُ فِيهِ. [فَقَالَ: أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ] الْمُبَاعِدَةُ: الْمُرَادُ بِهَا مَحْوُ مَا حَصَلَ مِنْهَا، أَوْ الْعِصْمَةُ عَمَّا يَأْتِي مِنْهَا [كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ] فَكَمَا لَا يَجْتَمِعُ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ لَا يَجْتَمِعُ هُوَ وَخَطَايَاهُ «اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ» بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ فَسِينٌ مُهْمَلَةٌ؛ فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ الْوَسَخُ، وَالْمُرَادُ أَزِلْ عَنِّي الْخَطَايَا بِهَذِهِ الْإِزَالَةِ «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» بِالتَّحْرِيكِ، جَمْعُ بَرَدَةٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ذِكْرُ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ تَأْكِيدٌ، أَوْ لِأَنَّهُمَا مَاءَانِ لَمْ تَسْتَعْمِلْهُمَا الْأَيْدِي؛ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: عَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ غَايَةِ الْمَحْوِ، فَإِنَّ الثَّوْبَ الَّذِي تَكَرَّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مُنَقِّيَةٌ يَكُونُ فِي غَايَةِ النَّقَاءِ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ هَذَا الذِّكْرَ بَيْنَ التَّكْبِيرَةِ وَالْقِرَاءَةِ سِرًّا، وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ الْعَبْدُ بَيْنَ هَذَا الدُّعَاءِ وَالدُّعَاءِ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute