٨٢ - وَزَادَ أَبُو دَاوُد، عَنْ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالْمَوَارِدُ " وَلَفْظُهُ: «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ، وَالظِّلَّ»
الْمَلْعُونَ، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، فَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ.
وَالْمُرَادُ بِاَلَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَيْ: يَتَغَوَّطُ فِيمَا يَمُرُّ بِهِ النَّاسُ؛ فَإِنَّهُ يُؤْذِيهِمْ بِنَتْنِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ، وَيُؤَدِّي إلَى لَعْنِهِ؛ فَإِنْ كَانَ لَعْنُهُ جَائِزًا فَقَدْ تَسَبَّبَ إلَى الدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِإِبْعَادِهِ عَنْ الرَّحْمَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ فَقَدْ تَسَبَّبَ إلَى تَأْثِيمِ غَيْرِهِ بِلَعْنِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ أُرِيدَ هُنَا؟ قُلْتُ: أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَّنَهُ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ» وَأَخْرَجَ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرِهِمَا بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو الْأَنْصَارِيَّ "؛ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ سَلَّ سَخِيمَتَهُ عَلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ النَّاسِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» وَالسَّخِيمَةُ بِالسِّينِ الْمَفْتُوحَةِ الْمُهْمَلَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ: الْعَذِرَةُ.
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ اللَّعْنَةَ، وَالْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا مُسْتَظَلُّ النَّاسِ الَّذِي اتَّخَذُوهُ مَقِيلًا، وَمُنَاخًا يَنْزِلُونَهُ، وَيَقْعُدُونَ فِيهِ، إذْ لَيْسَ كُلُّ ظِلٍّ يَحْرُمُ الْقُعُودُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ تَحْتَهُ، فَقَدْ «قَعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ حَائِشِ النَّخْلِ لِحَاجَتِهِ»، وَلَهُ ظِلٌّ بِلَا شَكٍّ، قُلْت: يَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ أَحْمَدَ: [أَوْ ظِلٍّ يُسْتَظَلُّ بِهِ].
٨٢ - وَزَادَ أَبُو دَاوُد، عَنْ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالْمَوَارِدُ وَلَفْظُهُ: «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ، وَالظِّلَّ».
وَزَادَ أَبُو دَاوُد عَنْ مُعَاذٍ: وَالْمَوَارِدَ؛ وَلَفْظُهُ «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ الْبَرَازَ» بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ آخِرُهُ زَايٌ، وَهُوَ الْمُتَّسَعُ مِنْ الْأَرْضِ، يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْغَائِطِ، وَبِالْكَسْرِ الْمُبَارَزَةُ فِي الْحَرْبِ [فِي الْمَوَارِدِ جَمْعُ: مَوْرِدٍ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْتِيهِ النَّاسُ مِنْ رَأْسِ عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ لِشُرْبِ الْمَاءِ أَوْ لِلتَّوَضُّؤِ [وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ الْمُرَادُ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ الَّذِي يَقْرَعُهُ النَّاسُ بِأَرْجُلِهِمْ، أَيْ يَدُقُّونَهُ، وَيَمُرُّونَ عَلَيْهِ [وَالظِّلَّ] تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute