١١٦٢ - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِصَّةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ: «جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ الْخَمْرَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْهَا حَتَّى شَرِبَهَا».
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ ثَمَانِينَ فَإِنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى فَجَلَدَ عُمَرُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ " وَهَذَا حَدِيثٌ مُعْضِلٌ وَلِهَذَا الْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ طُرُقٌ وَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ كَمَا سَلَفَ، وَفِي مَعْنَاهُ نَكَارَةٌ لِأَنَّهُ قَالَ: إذَا هَذَى افْتَرَى وَالْهَاذِي لَا يُعَدُّ قَوْلُهُ فِرْيَةً؛ لِأَنَّهُ لَا عَمْدَ لَهُ وَلَا فِرْيَةَ إلَّا عَنْ عَمْدٍ. وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: جَاءَتْ الْأَخْبَارُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسُنَّ فِي الْخَمْرِ شَيْئًا» وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْآتِي يُؤَيِّدُهُ.
(وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ) حَقَّقْنَاهَا فِي مِنْحَةِ الْغَفَّارِ عَلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَفِيهَا أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ عَلِيًّا بِجَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ اجْلِدْهُ فَجَلَدَهُ فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ؛ قَالَ: أَمْسِكْ («جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ الْخَمْرَ فَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْهَا حَتَّى شَرِبَهَا») يُرِيدُ أَنَّهُ أَحَبُّ إلَيْهِ مَعَ جُرْأَةِ الشَّارِبِينَ لَا أَنَّهُ أَحَبُّ إلَيْهِ مُطْلَقًا فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ كَيْفَ يَجْعَلُ فِعْلَ عُمَرَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ ظَاهِرَ الْإِشَارَةِ إلَى فِعْلِ عُمَرَ وَهُوَ الثَّمَانُونَ، وَلَكِنَّهُ يُقَالُ: إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: أَمْسِكْ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ الْأَحَبَّ إلَيْهِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ " أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ الْوَلِيدَ ثَمَانِينَ " وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ وَاَلَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ أَرْجَحُ وَكَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، أَمَرَ عَبْدِ اللَّهِ بِتَمَامِ الثَّمَانِينَ وَهَذِهِ أَوْلَى مِنْ الْجَوَابِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُ جَلَدَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ فَضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ فَكَانَتْ الْجُمْلَةُ ثَمَانِينَ، فَإِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ لِعَدَمِ مُنَاسَبَةِ سِيَاقِهِ لَهُ؛ وَالرِّوَايَاتُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ» كَثِيرَةٌ، إلَّا أَنَّ فِي أَلْفَاظِهَا نَحْوَ أَرْبَعِينَ وَفِي بَعْضِهَا بِالنِّعَالِ فَكَأَنَّهُ فَهِمَ الصَّحَابَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَتَقَدَّرُ بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى السَّكْرَانِ ثَمَانِينَ جَلْدَةً قَالُوا: لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَدَاوُد أَنَّهُ أَرْبَعُونَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute