للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٧٣ - عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ (وَحُكْمُ الصَّائِلِ) الصَّائِلُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ صَالَ عَلَى قَرْنِهِ إذَا سَطَا عَلَيْهِ وَاسْتَطَالَ.

(عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَا يُجْلَدُ) رُوِيَ مَبْنِيًّا لِلْمَعْلُومِ وَمَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ وَمَجْزُومًا عَلَى النَّهْيِ وَمَرْفُوعًا عَلَى النَّفْيِ «فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةٍ عَشْرَ جَلَدَاتٍ وَفِي رِوَايَةٍ «لَا عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ» وَالْمُرَادُ بِحُدُودِ اللَّهِ مَا عَيَّنَ الشَّارِعُ فِيهِ عَدَدًا مِنْ الضَّرْبِ أَوْ عُقُوبَةً مَخْصُوصَةً كَالْقَطْعِ وَالرَّجْمِ وَهَذَانِ دَاخِلَانِ فِي عُمُومِ حُدُودِ اللَّهِ خَارِجَانِ عَمَّا فِيهِ السِّيَاقُ إذْ السِّيَاقُ فِي الضَّرْبِ.

وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حَدِّ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَحَدِّ الْمُحَارِبِ وَحَدِّ الْقَذْفِ بِالزِّنَى وَالْقَتْلِ فِي الرِّدَّةِ وَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ هَلْ يُسَمَّى حَدًّا أَمْ لَا؟ كَمَا اخْتَلَفُوا فِي عُقُوبَةِ جَحْدِ الْعَارِيَّةِ وَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ وَتَحْمِيلِ الْمَرْأَةِ الْفَحْلَ مِنْ الْبَهَائِمِ عَلَيْهَا وَالسِّحَاقِ وَأَكْلِ الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالسِّحْرِ وَالْقَذْفِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ تَكَاسُلًا وَالْأَكْلِ فِي رَمَضَانَ هَلْ يُسَمَّى حَدًّا أَوْ لَا؟ فَمَنْ قَالَ يُسَمَّى حَدًّا أَجَازَ الزِّيَادَةَ فِي التَّعْزِيرِ عَلَيْهَا عَلَى الْعَشَرَةِ الْأَسْوَاطِ؛ وَمَنْ قَالَ لَا يُسَمَّى لَمْ يُجِزْهُ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْعَمَلِ بِحَدِيثِ الْبَابِ، فَذَهَبَ إلَى الْأَخْذِ بِهِ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ.

وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَآخَرُونَ إلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي التَّعْزِيرِ عَلَى الْعَشَرَةِ وَلَكِنْ لَا يَبْلُغُ أَدْنَى الْحُدُودِ.

وَذَهَبَ الْقَاسِمُ وَالْهَادِي إلَى أَنَّهُ يَكُونُ التَّعْزِيرُ فِي كُلِّ حَدٍّ دُونَ حَدِّ جِنْسِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ فِعْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قُلْت) لَا دَلِيلَ لَهُمْ إلَّا فِعْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ مَنْ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ زِنًى مِائَةَ سَوْطٍ إلَّا سَوْطَيْنِ، وَأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ مَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ مِائَةَ سَوْطٍ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِعْلَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ وَلَا يُقَاوِمُ النَّصَّ الصَّحِيحَ، وَأَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ لَا يَتِمُّ لَهُمْ دَلِيلًا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْحَدِيثُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا أَنَّهُ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ مُعْتَذِرًا لَوْ بَلَغَ الْخَبَرُ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهِ لِأَنَّهُ قَالَ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي.

وَمِثْلُهُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>