. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) بَنُو النَّضِيرِ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ وَادَعَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ قُدُومِهِ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ لَا يُحَارِبُوهُ وَأَنْ لَا يُعِينُوا عَلَيْهِ عَدُوَّهُ وَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ وَنَخِيلُهُمْ وَمَنَازِلُهُمْ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فَنَكَثُوا الْعَهْدَ وَسَارَ مَعَهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ فِي أَرْبَعِينَ رَاكِبًا إلَى قُرَيْشٍ فَحَالَفَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَاقِعَةِ بَدْرٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزُّهْرِيُّ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ قِصَّةِ أُحُدٍ وَبِئْرِ مَعُونَةَ " وَخَرَجَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ رَجُلَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ مِنْ بَنِي عَامِر فَجَلَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى جَنْبِ جِدَارٍ لَهُمْ فَتَمَالَئُوا عَلَى إلْقَاءِ صَخْرَةٍ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ الْجِدَارِ وَقَامَ بِذَلِكَ عَمْرُو بْنُ جِحَاشِ بْنِ كَعْبٍ فَأَتَاهُ الْخَبَرُ مِنْ السَّمَاءِ فَقَامَ مُظْهِرًا أَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا تَبْرَحُوا وَرَجَعَ مُسْرِعًا إلَى الْمَدِينَةِ فَاسْتَبْطَأَهُ أَصْحَابُهُ فَأُخْبِرُوا أَنَّهُ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ فَلَحِقُوا بِهِ فَأَمَرَ بِحَرْبِهِمْ وَالْمَسِيرَ إلَيْهِمْ فَتَحَصَّنُوا فَأَمَرَ بِقَطْعِ النَّخْلِ وَالتَّحْرِيقِ وَحَاصَرَهُمْ سِتَّ لَيَالٍ، وَكَانَ نَاسٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ بَعَثُوا إلَيْهِمْ أَنْ اُثْبُتُوا أَوْ تَمْنَعُوا فَإِنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ فَتَرَبَّصُوا فَقَذَفَ اللَّهُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ فَلَمْ يَنْصُرُوهُمْ، فَسَأَلُوا أَنْ يُجْلَوْا مِنْ أَرْضِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ فَصُولِحُوا عَلَى ذَلِكَ إلَّا الْحَلَقَةَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ فَقَافٌ وَهِيَ السِّلَاحُ فَخَرَجُوا إلَى أَذْرَعَاتَ وَأَرْيِحَاءَ مِنْ الشَّامِ وَآخَرُونَ إلَى الْحِيرَةِ وَلَحِقَ آلَ أَبِي الْحَقِيق وَآلَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ بِخَيْبَرَ وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أُجْلِيَ مِنْ الْيَهُودِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لأَوَّلِ الْحَشْرِ} وَالْحَشْرُ الثَّانِي مِنْ خَيْبَرَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُهُ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} الْفَيْءُ مَا أُخِذَ بِغَيْرِ قِتَالٍ، قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: إنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَإِنَّمَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ لِأَنَّ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْمَدِينَةِ فَمَشَوْا إلَيْهَا مُشَاةً غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ رَكِبَ جَمَلًا أَوْ حِمَارًا وَلَمْ تَنَلْ أَصْحَابَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشَقَّةٌ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: (كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ أَيْ مِمَّا اسْتَبَقَاهُ لِنَفْسِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَعْزِلُ لَهُمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَلَا يَتِمُّ عَلَيْهِ السَّنَةُ وَلِهَذَا تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ مِمَّا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَرْضِهِ. وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ السُّوقِ وَيَدَّخِرَهُ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ ضِيقِ الطَّعَامِ لَمْ يَجُزْ بَلْ يَشْتَرِي مَا لَا يَحْصُلُ بِهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَقُوتِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ، وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ اشْتَرَى قُوتَ السَّنَةِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute