للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سَرَدَ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ اسْمًا اسْتَخْرَجَهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّلْخِيصِ إنَّهُ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَحَدًا وَثَمَانِينَ اسْمًا وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي كَلَامِ ابْنِ حَزْمٍ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ.

وَقَدْ نَقَلْنَا كَلَامَهُ وَتَعْيِينَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي هَامِشِ التَّلْخِيصِ. وَاسْتَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَطْ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا وَسَرَدَهَا فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ السَّيِّدُ مُحَمَّدُ إبْرَاهِيمَ الْوَزِيرُ فِي إيثَارِ الْحَقِّ أَنَّهُ تَتَبَّعَهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَبَلَغَتْ مِائَةً وَثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ اسْمًا وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْإِيثَارِ مِائَةً وَسَبْعَةً وَخَمْسِينَ فَإِنَّا عَدَدْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا وَعَرَفْت مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ سَرْدَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْمَعْرُوفَةَ مَدْرَجٌ عِنْد الْمُحَقِّقِينَ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إلَى أَنَّ عَدَّهَا مَرْفُوعٌ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْعُلَمَاءِ فِي ذِكْرِ عَدِّ الْأَسْمَاءِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا مَا لَفْظُهُ، وَرِوَايَةُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شُعَيْبٍ هِيَ أَقْرَبُ الطُّرُقِ الْوَاضِحَةِ وَعَلَيْهَا عَوَّلَ غَالِبُ مَنْ شَرَحَ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى ثُمَّ سَرَدَهَا عَلَى رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ.

وَذَكَرَ اخْتِلَافًا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهَا وَتَبْدِيلًا فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ لِلَّفْظِ بِلَفْظِ ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الِاسْمُ الْعَلَمُ وَهُوَ اللَّهُ، وَالثَّانِي مَا يَدُلُّ عَلَى الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ لِلذَّاتِ كَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ، وَالثَّالِثُ مَا يَدُلُّ عَلَى إضَافَةِ أَمْرٍ إلَيْهِ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ، وَالرَّابِعُ مَا يَدُلُّ عَلَى سَلْبِ شَيْءٍ عَنْهُ كَالْعَلِيِّ وَالْقُدُّوسِ؛ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا هَلْ هِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَقَّ مِنْ الْأَفْعَالِ الثَّابِتَةِ لِلَّهِ تَعَالَى اسْمًا بَلْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ إلَّا مَا وَرَدَ بِهِ نَصُّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ: الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ. وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْكَرَامِيَّةُ: إذَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى اللَّفْظِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ إطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْغَزَالِيُّ: الْأَسْمَاءُ تَوْقِيفِيَّةٌ دُونَ الصِّفَاتِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاسْمٍ لَمْ يُسَمِّهِ بِهِ أَبُوهُ وَلَا أُمُّهُ وَلَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ تَعَالَى اسْمٌ أَوْ صِفَةٌ تُوهِمُ نَقْصًا فَلَا يُقَالُ مَاهِدٌ وَلَا زَارِعٌ وَلَا فَالِقٌ وَإِنْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} - {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} - {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} وَلَا يُقَالُ مَاكِرٌ وَلَا بَنَّاءٌ وَإِنْ وَرَدَ {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} - {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: الْأَسْمَاءُ تُؤْخَذُ تَوْقِيفًا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَكُلُّ اسْمٍ وَرَدَ فِيهَا وَجَبَ إطْلَاقُهُ فِي وَصْفِهِ وَمَا لَمْ يَرِدْ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ صَحَّ مَعْنَاهُ.

وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْبَحْثَ فِي كِتَابِنَا إيقَاظِ الْفِكْرَةِ. وَقَوْلُهُ: " مَنْ أَحْصَاهَا " اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِحْصَاءِ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: مَعْنَاهُ حَفِظَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُفَسِّرَةٌ لِلْأُخْرَى، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَحْتَمِلُ وُجُوهًا:

أَحَدُهَا أَنْ يَعُدَّهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا بِمَعْنَى أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِهَا فَيَدْعُوَ اللَّهَ بِهَا كُلِّهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا فَيَسْتَوْعِبَ الْمَوْعُودَ عَلَيْهَا مِنْ الثَّوَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>