. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَفَّيْهِ] إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ مِلْءَ كَفِّهِ بِالْإِفْرَادِ [ثُمَّ أَفَاضَ] أَيْ الْمَاءَ [عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ] أَيْ بَقِيَّتِهِ، وَلَفْظُ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ: " ثُمَّ غَسَلَ " بَدَلَ أَفَاضَ [ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ]. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ
وَلَهُمَا أَيْ لِلشَّيْخَيْنِ: مِنْ حَدِيثِ " مَيْمُونَةَ " فِي صِفَةِ الْغُسْلِ مِنْ ابْتِدَائِهِ إلَى انْتِهَائِهِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى مَا لَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثِ " عَائِشَةَ " فَقَطْ: [ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا الْأَرْضَ] وَفِي رِوَايَةٍ [فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ] وَفِي آخِرِهِ [ثُمَّ أَتَيْته بِالْمِنْدِيلِ] بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ [فَرَدَّهُ - وَفِيهِ: وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ] وَقِيلَ: هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثِهِمَا [ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَتَيْته] إلَى آخِرِهِ. وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُشْتَمِلَانِ عَلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ مِنْ ابْتِدَائِهِ إلَى انْتِهَائِهِ، فَابْتِدَاؤُهُ غُسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ، إذَا كَانَ مُسْتَيْقِظًا مِنْ النَّوْمِ، كَمَا وَرَدَ صَرِيحًا، وَكَانَ الْغُسْلُ مِنْ الْإِنَاءِ، وَقَدْ قَيَّدَهُ فِي حَدِيثِ " مَيْمُونَةَ " مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ الْفَرْجَ، وَفِي الشَّرْحِ أَنَّ ظَاهِرَهُ مُطْلَقُ الْغُسْلِ فَيَكْفِي مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَدَلَكَ الْأَرْضَ لِأَجْلِ إزَالَةِ الرَّائِحَةِ مِنْ الْيَدِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ أَعَادَ غَسْلَ الْفَرْجِ بَعْدَ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ الرَّائِحَةُ فِي الْيَدِ فَهِيَ بَاقِيَةٌ فِي الْفَرْجِ؛ وَهَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَدِيثِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يُطَهَّرُ بِهِ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ، وَعَلَى تَشْرِيكِ النِّيَّةِ لِلْغُسْلِ الَّذِي يُزِيلُ النَّجَاسَةِ بِرَفْعِهَا الْحَدَثَ، وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ بَقَاءَ الرَّائِحَةِ بَعْدَ غَسْلِ الْمَحَلِّ لَا يَضُرُّ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، هَذَا كَلَامُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ تَبْقَ رَائِحَةٌ بَلْ ضَرَبَ الْأَرْضَ لِإِزَالَةِ لُزُوجَةِ الْيَدِ إنْ سُلِّمَ أَنَّهَا تُفَارِقُ الرَّائِحَةَ، وَأَمَّا وُضُوءُهُ قَبْلَ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ وُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ؛ وَأَنْ يَكُونَ غَسْلُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ كَافِيًا عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَأَنَّهُ تَتَدَاخَلُ الطَّهَارَتَانِ، وَهُوَ رَأْيُ " زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ " وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ وَقَدَّمَهَا تَشْرِيفًا لَهَا، ثُمَّ وَضَّأَهَا لِلصَّلَاةِ، لَكِنْ هَذَا لَمْ يُنْقَلْ أَصْلًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ وَضَّأَهَا لِلصَّلَاةِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهَا الْمَاءَ مَعَ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ لِلْجَنَابَةِ، وَلَكِنَّ عِبَارَةَ: أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، لَا تُنَاسِبُ هَذَا؛ إذْ هِيَ ظَاهِرَةٌ أَنَّهُ أَفَاضَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ مِمَّا لَمْ يَمَسَّهُ الْمَاءُ، فَإِنَّ السَّائِرَ الْبَاقِي لَا الْجَمِيعُ؛ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالسَّائِرُ الْبَاقِي لَا الْجَمِيعُ كَمَا تَوَهَّمَ جَمَاعَاتٌ فَالْحَدِيثَانِ ظَاهِرَانِ فِي كِفَايَةِ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَرَّةً وَاحِدَةً عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ، وَمَنْ قَالَ: لَا يَتَدَاخَلَانِ، وَأَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ كَمَالِ الْغُسْلِ، لَمْ يَنْهَضْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ؛ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَصَلَاةَ الْغَدَاةِ وَلَا يَمَسُّ مَاءً» فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute