١٤٢ - وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: «وَالْعِشَاءُ أَحْيَانًا يُقَدِّمُهَا، وَأَحْيَانًا يُؤَخِّرُهَا: إذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحُ؛ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ».
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَ بِالْبَصْرَةِ، ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ، وَتُوُفِّيَ بِمَرْوَ، وَقِيلَ بِغَيْرِهَا، سَنَةَ سِتِّينَ. الْأَسْلَمِيُّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا» أَيْ بَعْدَ صَلَاتِهِ [إلَى رَحْلِهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ: مَسْكَنُهُ [فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ] حَالٌ مِنْ رَحْلِهِ، وَقِيلَ صِفَةٌ لَهُ [وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ] أَيْ يَصِلُ إلَى رَحْلِهِ حَالَ كَوْنِ الشَّمْسِ حَيَّةً، أَيْ بَيْضَاءَ قَوِيَّةَ الْأَثَرِ حَرَارَةً وَلَوْنًا وَإِنَارَةً؛ «وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ الْعِشَاءِ» لَمْ يُبَيِّنْ إلَى مَتَى، وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ مُطْلَقَ التَّأْخِيرِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ؛ [وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا] لِئَلَّا يَسْتَغْرِقَ النَّائِمُ فِيهِ حَتَّى يَخْرُجَ اخْتِيَارُ وَقْتِهَا [وَالْحَدِيثَ] التَّحَادُثُ مَعَ النَّاسِ [بَعْدَهَا] فَيَنَامُ عَقِبَ تَكْفِيرِ الْخَطِيئَةِ بِالصَّلَاةِ، فَتَكُونُ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ، وَلِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِالْحَدِيثِ عَنْ قِيَامِ آخِرَ اللَّيْلِ: إلَّا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَمِّرُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ» [وَكَانَ يَنْفَتِلُ بِالْفَاءِ فَمُثَنَّاةٍ بَعْدَهَا فَوْقِيَّةٌ مَكْسُورَةٌ أَيْ: يَلْتَفِتُ إلَى مَنْ خَلْفَهُ أَوْ يَنْصَرِفُ [مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ] الْفَجْرِ [حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ] أَيْ بِضَوْءِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ فِيهِ مَصَابِيحُ؛ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ فِيهَا وَالرَّجُلُ لَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَهُوَ دَلِيلُ التَّبْكِيرِ بِهَا. [وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ] يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا اخْتَصَرَ قَرَأَ بِالسِّتِّينَ فِي صَلَاتِهِ فِي الْفَجْرِ، وَإِذَا طَوَّلَ فَإِلَى الْمِائَةِ مِنْ الْآيَاتِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
؛ فِيهِ ذِكْرُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ مِنْ دُونِ تَحْدِيدٍ لِلْأَوْقَاتِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الَّذِي مَضَى مَا هُوَ أَصْرَحُ وَأَشْمَلُ.
وَعِنْدَهُمَا أَيْ الشَّيْخَيْنِ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ " جَابِرٍ ": [وَالْعِشَاءُ أَحْيَانَا يُقَدِّمُهَا] أَوَّلَ وَقْتِهَا [وَأَحْيَانَا يُؤَخِّرُهَا] عَنْهُ كَمَا فَصَّلَهُ قَوْلُهُ: [إذَا رَآهُمْ] أَيْ الصَّحَابَةَ [اجْتَمَعُوا] فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا [عَجَّلَ] رِفْقًا بِهِمْ [وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا] عَنْ أَوَّلِهِ [أَخَّرَ] مُرَاعَاةً لِمَا هُوَ الْأَرْفَقُ بِهِمْ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْلَا خَوْفُ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ لَأَخَّرَ بِهِمْ: «وَالصُّبْحُ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ» الْغَلَسُ مُحَرَّكَةٌ: ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ، كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَهُوَ أَوَّلُ الْفَجْرِ وَيَأْتِي مَا يُعَارِضُهُ فِي حَدِيثِ " رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute