للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٢ - وَالْحُكْمُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَزَادَ " إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ "

قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " قَائِمُ الظَّهِيرَةِ " قِيَامُ الشَّمْسِ وَقْتَ الزَّوَالِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَنْ قَامَتْ بِهِ دَابَّتُهُ وَقَفَتْ، وَالشَّمْسُ إذَا بَلَغَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ أَبْطَأَتْ حَرَكَةَ الظِّلِّ إلَى أَنْ تَزُولَ، فَيَتَخَيَّلُ النَّاظِرُ الْمُتَأَمِّلُ أَنَّهَا وَقَفَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ.

وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ عَامٌّ بِلَفْظِهِ لِفَرْضِ الصَّلَاةِ وَنَفْلِهَا وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّهُ أَصْلُهُ، وَكَذَا يَحْرُمُ قَبْرُ الْمَوْتَى فِيهَا، وَلَكِنْ فَرْضُ الصَّلَاةِ أَخْرَجَهُ حَدِيثُ: " مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاتِهِ " الْحَدِيثَ؛ وَفِيهِ " فَوَقْتُهَا حِينَ يَذْكُرُهَا " فَفِي أَيِّ وَقْتٍ ذَكَرَهَا أَوْ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ أَتَى بِهَا، وَكَذَا مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ طُلُوعِهَا، لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ: بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَيُخَصُّ النَّهْيُ بِالنَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ؛ وَقِيلَ: بَلْ يَعُمُّهُمَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَامَ فِي الْوَادِي عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ لَمْ يَأْتِ بِالصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، بَلْ أَخَّرَهَا إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمَكْرُوهُ.

وَأُجِيبُ عَنْهُ أَوَّلًا: بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَيْقِظْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إلَّا حِينَ أَصَابَهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ، وَلَا يُوقِظُهُمْ حَرُّهَا إلَّا وَقَدْ ارْتَفَعَتْ وَزَالَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ.

وَثَانِيًا: بِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجْهَ تَأْخِيرِ أَدَائِهَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ، بِأَنَّهُمْ فِي وَادٍ حَضَرَ فِيهِ الشَّيْطَانُ، فَخَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَصَلَّى فِي غَيْرِهِ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ التَّأْخِيرُ لِأَجْلِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَوْ سَلِمَ أَنَّهُمْ اسْتَيْقَظُوا وَلَمْ يَكُنْ قَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ، فَتَحْصُلُ مِنْ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا تَحْرُمُ النَّوَافِلُ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُقْضَى النَّوَافِلُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، أَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَلِمَا سَلَفَ مِنْ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاضِيًا لِنَافِلَةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إنْ لَمْ تَقُلْ: إنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَلِتَقْرِيرِهِ لِمَنْ صَلَّى نَافِلَةَ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَأَنَّهَا تُصَلَّى الْفَرَائِضُ فِي أَيِّ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ لِنَائِمٍ، وَنَاسٍ، وَمُؤَخِّرٍ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ آثِمًا بِالتَّأْخِيرِ؛ وَالصَّلَاةُ أَدَاءٌ فِي الْكُلِّ، مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْعَامِدِ فَهِيَ قَضَاءٌ فِي حَقِّهِ، وَيَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ وَقْتِ الزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِجَوَازِ النَّفْلِ فِيهِ الْحَدِيثُ الْآتِي؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:

١٥٢ - وَالْحُكْمُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَزَادَ " إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ".

وَالْحُكْمُ الثَّانِي وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ، وَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ النَّهْيُ عَنْهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ إلَّا أَنَّهُ تَسَامَحَ الْمُصَنِّفُ فِي تَسْمِيَتِهِ حُكْمًا، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْقَاتِ وَاحِدٌ، وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَإِنَّمَا هَذَا الثَّانِي أَحَدُ مَحِلَّاتِ الْحُكْمِ، لَا أَنَّهُ حُكْمٌ ثَانٍ.

وَفَسَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>