١٦٦ - وَزَادَ أَحْمَدُ فِي آخِرِهِ قِصَّةَ قَوْلِ بِلَالٍ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ»
إعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِهَا أَيْضًا. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ مَحَاسِنِ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ، وَأَمَّا وُجُوبُهُ فَالْأَدِلَّةُ فِيهِ مُحْتَمَلَةٌ وَتَأْتِي، وَكَمِّيَّةُ أَلْفَاظِهِ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا.
وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي أَوَّلِهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ، فَوَرَدَتْ بِالتَّثْنِيَةِ فِي حَدِيثِ " أَبِي مَحْذُورَةَ " فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالتَّرْجِيعِ أَيْضًا، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى الْعَمَلِ بِالتَّرْجِيعِ لِشُهْرَةِ رِوَايَتِهِ، وَلِأَنَّهَا زِيَادَةُ عَدْلٍ فَهِيَ مَقْبُولَةٌ: وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّرْجِيعِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ إنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عَمِلَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مَشْرُوعٌ عَمِلَ بِحَدِيثِ " أَبِي مَحْذُورَةَ " وَسَيَأْتِي: وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ تُفْرَدُ أَلْفَاظُهَا إلَّا لَفْظَ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ يُكَرِّرُهَا، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُفْرَدُ التَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهَا، وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهَا يُكَرَّرُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَلَكِنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى تَكْرِيرِهِ فِي الْأَذَانِ أَرْبَعًا، كَأَنَّهُ غَيْرُ مُكَرَّرٍ فِيهَا، وَكَذَلِكَ يُكَرَّرُ فِي آخِرِهَا، وَيُكَرَّرُ لَفْظُ الْإِقَامَةِ، وَتُفْرَدُ بَقِيَّةُ الْأَلْفَاظِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ «أَمْرِ بِلَالٍ: أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» وَسَيَأْتِي. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ: الْأَذَانُ فِي كُلِّ كَلِمَاتِهِ مَثْنَى مَثْنَى، وَالْإِقَامَةُ أَلْفَاظُهَا مُفْرَدَةٌ، إلَّا: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ وَقَدْ أَجَابَ أَهْلُ التَّرْبِيعِ بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ صَحِيحَةٌ، دَالَّةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ، لَكِنْ رِوَايَةُ التَّرْبِيعِ قَدْ صَحَّتْ بِلَا مِرْيَةٍ، وَهِيَ زِيَادَةٌ مِنْ عَدْلٍ مَقْبُولَةٌ، فَالْقَائِلُ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَ الْأَذَانِ قَدْ عَمِلَ بِالْحَدِيثَيْنِ، وَيَأْتِي أَنَّ رِوَايَةَ " يَشْفَعُ الْأَذَانَ " لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّرْبِيعِ لِلتَّكْبِيرِ.
هَذَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مُفْرَدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْحُكْمِ بِالْأَمْرِ بِشَفْعِ الْأَذَانِ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْحِكْمَةُ فِي تَكْرِيرِ الْأَذَانِ وَإِفْرَادِ أَلْفَاظِ الْإِقَامَةِ هِيَ: أَنَّ الْأَذَانَ لِإِعْلَامِ الْغَائِبِينَ، فَاحْتِيجَ إلَى التَّكْرِيرِ، وَلِذَا يُشْرَعُ فِيهِ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى مَحِلٍّ مُرْتَفِعٍ، بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ، فَإِنَّهَا لِإِعْلَامِ الْحَاضِرِينَ، فَلَا حَاجَةَ إلَى تَكْرِيرِ أَلْفَاظِهَا، وَلِذَا شُرِعَ فِيهَا خَفْضُ الصَّوْتِ، وَالْحَدْرُ، وَإِنَّمَا كُرِّرَتْ جُمْلَةُ: " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ "؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودُ الْإِقَامَةِ وَزَادَ أَحْمَدُ فِي آخِرِهِ ظَاهِرُهُ فِي حَدِيثِ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ".
١٦٦ - وَزَادَ أَحْمَدُ فِي آخِرِهِ قِصَّةَ قَوْلِ بِلَالٍ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ».
قِصَّةُ قَوْلِ بِلَالٍ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute