٢٥٢ - وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا
عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ وَقَدْ فَصَلَّتْهَا رِوَايَةُ النَّسَائِيّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بِلَفْظِ: «ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ وَجَبْهَتَهُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ» وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ «ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مُقْعَدَتِهِ وَيُقِيمُ صُلْبَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا رَفَعْت رَأْسَك فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِك الْيُسْرَى» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَيْئَةَ الْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِافْتِرَاشِ الْيُسْرَى؛ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ كُلُّ مَا ذَكَرَ فِي بَقِيَّةِ رَكَعَاتِ صَلَاتِهِ إلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ وُجُوبَهَا خَاصٌّ بِالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوَّلَ رَكْعَةٍ وَدَلَّ عَلَى إيجَابِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَعَلَى مَا عَرَفْت مِنْ تَفْسِيرِ مَا تَيَسَّرَ بِالْفَاتِحَةِ فَتَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَتَجِبُ قِرَاءَةُ مَا شَاءَ مَعَهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى إيجَابِ مَا عَدَا الْفَاتِحَةَ فِي الْآخِرَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ؛ " وَاعْلَمْ " أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ تَكَرَّرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى وُجُوبِ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ كُلِّ مَا لَا يُذْكَرَ فِيهِ أَمَّا الِاسْتِدْلَال عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَاجِبٌ فَلِأَنَّهُ سَاقَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ الْأَمْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ: " لَنْ تَتِمَّ الصَّلَاةُ إلَّا بِمَا ذُكِرَ فِيهِ " وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِأَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ لَا يَجِبُ فَلِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَعْلِيمِ الْوَاجِبَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ تُرِكَ ذِكْرُ بَعْضِ مَا يَجِبُ لَكَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ فَإِذَا حُصِرَتْ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أُخِذَ مِنْهَا بِالزَّائِدِ ثُمَّ إنْ عَارَضَ الْوُجُوبَ الدَّالَ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ عَدَمَ الْوُجُوبِ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَةُ أَمْرٍ بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قَرِينَةً عَلَى حَمْلِ الصِّيغَةِ عَلَى النَّدْبِ وَاحْتَمَلَ الْبَقَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ فَيَحْتَاجُ إلَى مُرَجِّحٍ لِلْعَمَلِ بِهِ.
وَمِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَمْ تُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النِّيَّةُ، قُلْت: كَذَا فِي الشَّرْحِ؛ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَوْلُهُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ دَالٌ عَلَى إيجَابِهَا إذْ لَيْسَ النِّيَّةُ إلَّا الْقَصْدَ إلَى فِعْلِ الشَّيْءِ، وَقَوْلُهُ: فَتَوَضَّأَ أَيْ قَاصِدًا لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ أَيْ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَالسَّلَامُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute