. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْجِيمِ وَالزَّايِ عَنْ " عَائِشَةَ " قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُرْسَلٌ، أَبُو الْجَوْزَاءِ " لَمْ يَسْمَعْ مِنْ " عَائِشَةَ "؛ وَأُعِلَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ مُكَاتَبَةً.
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَوَّلَ الْبَابِ.
وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهَا: " وَالْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ " عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَنَسٍ وَأُبَيٍّ " مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَآخَرُونَ وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ.
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ مُرَادَهَا بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ السُّورَةُ نَفْسُهَا، لَا هَذَا اللَّفْظُ، فَإِنَّ الْفَاتِحَةَ تُسَمَّى بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي حَدِيثِ أَنَسٍ " قَرِيبًا.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّهُ فِي رُكُوعِهِ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَلَا يَخْفِضُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، عَلَى قَوْلِهِ " وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ " إلَى قَوْلِهِ " وَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّةَ ".
وَالْمُرَادُ بِهَا الثَّنَاءُ الْمَعْرُوفُ بِالتَّحِيَّاتِ لِلَّهِ الْآتِي لَفْظُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ " إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى فَفِيهِ شَرْعِيَّةُ التَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ وَالْأَخِيرِ؛ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بَيَانٌ لِإِجْمَالِ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ الْمَأْمُورِ بِهَا وُجُوبًا، وَالْأَفْعَالُ لِبَيَانِ الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ، أَوْ يُقَالُ بِإِيجَابِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي التَّشَهُّدَيْنِ، فَقِيلَ وَاجِبَانِ، وَقِيلَ سُنَّتَانِ، وَقِيلَ الْأُولَى سُنَّةٌ، وَالْأَخِيرَةُ وَاجِبٌ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ.
وَأَمَّا الْأَوْسَطُ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» الْحَدِيثُ؛ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ اسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَمَّا سَهَا عَنْهُ لَمْ يَعُدْ لِأَدَائِهِ، وَجَبَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَجْبُرْهُ سُجُودُ السَّهْوِ كَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَقَدْ رُدَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ مَعَ الذِّكْرِ، فَإِنْ نَسِيَ حَتَّى دَخَلَ فِي فَرْضٍ آخَرَ جَبَرَ سُجُودُ السَّهْوِ.
وَفِي قَوْلِهَا «وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى» مَا يَدُلُّ أَنَّهُ كَانَ جُلُوسُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَحَالَ التَّشَهُّدِ وَقَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْجُلُوسَيْنِ فَجَعَلَ هَذَا صِفَةَ الْجُلُوسِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَجَعَلَ صِفَةَ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ تَقْدِيمَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبَ الْأُخْرَى، وَالْقُعُودُ عَلَى مَقْعَدَتِهِ.
وَلِلْعُلَمَاءِ خِلَافٌ فِي ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُخَيَّرِ فِيهَا.
وَفِي قَوْلِهَا: يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، أَيْ فِي الْقُعُودِ، وَفُسِّرَتْ بِتَفْسِيرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَفْتَرِشُ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسُ بِأَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْقَعْدَةَ اخْتَارَهَا الْعَبَادِلَةُ فِي الْقُعُودِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ، وَهَذِهِ تُسَمَّى إقْعَاءً، أَوْ جَعَلُوا الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الْهَيْئَةُ الثَّانِيَةُ وَتُسَمَّى أَيْضًا إقْعَاءً، وَهِيَ أَنْ يُلْصِقَ الرَّجُلُ أَلْيَتَيْهِ فِي الْأَرْضِ، وَيَنْصِبَ