٢٥٩ - وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، عِنْدَ أَبِي دَاوُد: «يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ. ثُمَّ يُكَبِّرُ»
لِلْهَادِي فَقَطْ، فَهِيَ مِنْ النَّوَادِرِ الَّتِي تَقَعُ لِأَفْرَادِ الْعُلَمَاءِ مِثْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، مَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا لَهُ نَادِرَةٌ يَنْبَغِي أَنْ تُغْمَرَ فِي جَنْبِ فَضْلِهِ، وَتُجْتَنَبَ؛ انْتَهَى.
وَخَالَفَتْ الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا عَدَا الرَّفْعَ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ مُجَاهِدٍ: " أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ " وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: بِأَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ لَا يَعُودُ».
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَقَدْ سَاءَ حِفْظُهُ، وَلِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ نَافِعٍ، وَسَالِمِ بْنِ عُمَرَ لِذَلِكَ، وَهُمَا مُثْبِتَانِ، وَمُجَاهِدٌ نَافٍ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ، وَبِأَنَّ تَرْكَهُ لِذَلِكَ إذَا ثَبَتَ كَمَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ يَكُونُ مُبَيِّنًا لِجَوَازِهِ؛ وَأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَاجِبًا، وَبِأَنَّ الثَّانِيَ: وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يَثْبُتْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ مُقَدَّمَةً عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا إثْبَاتٌ، وَذَلِكَ نَفْيٌ، وَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ؛ وَقَدْ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ عَنْ الْحَسَنِ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ: أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؛ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْحَسَنُ أَحَدًا، وَنَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ " عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ " أَنَّهُ قَالَ: حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ: وَكَانَ عَلِيٌّ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ، قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَقَدْ طَعَنَ فِي الصَّحَابَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ:
٢٥٩ - وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، عِنْدَ أَبِي دَاوُد: «يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ. ثُمَّ يُكَبِّرُ». وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد: «يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ» تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ.
لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرَّفْعِ إلَّا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ حَدِيثِهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد فَفِيهِ إثْبَاتُ الرَّفْعِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَوَاضِعِ؛ كَمَا أَفَادَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ. وَلَفْظُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ الْحَدِيثُ؛ تَمَامُهُ: ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَرَكَعَ ثُمَّ اعْتَدَلَ، فَلَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقَنِّعْ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَاعْتَدَلَ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ إلَى مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا» الْحَدِيثُ.
وَأَفَادَ رَفْعُهُ يَدَيْهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَوَاضِعِ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ يُكَبِّرُ، الْحَدِيثُ، لِيُفِيدَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ جَمِيعِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الرَّفْعُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute