٢٨٨ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ لَا يَقْنُتُ إلَّا إذَا دَعَا لِقَوْمٍ، أَوْ دَعَا عَلَى قَوْمٍ»، صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
٢٨٩ - وَعَنْ «سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْت لِأَبِي: يَا أَبَتِ، إنَّك قَدْ صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، أَفَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، مُحْدَثٌ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد
تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الدُّعَاءَ عَقِيبَ آخِرِ رُكُوعٍ مِنْ الْفَجْرِ سُنَّةُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَمِنْ الْخَلَفِ: الْهَادِي، وَالْقَاسِمُ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي أَلْفَاظِهِ، فَعِنْدَ الْهَادِي بِدُعَاءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت» إلَى آخِرِهِ.
[وَعَنْهُ] أَيْ " أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَقْنُتُ إلَّا إذَا دَعَا لِقَوْمٍ أَوْ دَعَا عَلَى قَوْمٍ» (صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ).
أَمَّا دُعَاؤُهُ لِقَوْمٍ: فَكَمَا ثَبَتَ «أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو لِلْمُسْتَضْعَفَيْنِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ»؛ وَأَمَّا دُعَاؤُهُ عَلَى قَوْمٍ: فَكَمَا عَرَفْتَهُ قَرِيبًا؛ وَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُسَنُّ الْقُنُوتُ فِي النَّوَازِلِ، فَيَدْعُو بِمَا يُنَاسِبُ الْحَادِثَةَ. وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ فِي النَّوَازِلِ قَوْلٌ حَسَنٍ، تَأَسِّيًا بِمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دُعَائِهِ عَلَى أُولَئِكَ الْأَحْيَاءِ مِنْ الْعَرَبِ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ نَزَلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوَادِثُ: كَحِصَارِ الْخَنْدَقِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ قَنَتَ فِيهِ، وَلَعَلَّهُ يُقَالُ: التَّرْكُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ: إلَى أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ، وَكَأَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ.
[وَعَنْ سَعِيدٍ] كَذَا فِي نُسَخِ الْبُلُوغِ سَعِيدٍ. وَهُوَ " سَعْدٌ " بِغَيْرِ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ابْنُ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ: قُلْت لِأَبِي وَهُوَ طَارِقُ بْنُ أَشْيَمَ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ بِزِنَةِ أَحْمَرَ؛ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو مَالِكٍ: " سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ ". «يَا أَبَتِ إنَّك صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَفَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد.
وَقَدْ رُوِيَ خِلَافُهُ عَمَّنْ ذُكِرَ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ وَقَعَ الْقُنُوتُ لَهُمْ تَارَةً، وَتَرَكُوهُ أُخْرَى، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمِنْ ذُكِرَ مَعَهُ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُحْدَثًا فَهُوَ بِدْعَةٌ، وَالْبِدْعَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute