. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّالِحِينَ] وَقَدْ وَرَدَ: أَنَّهُ يَشْمَلُ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَفُسِّرَ الصَّالِحُ بِأَنَّهُ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، وَدَرَجَاتُهُمْ مُتَفَاوِتَةٌ [أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ] لَا مُسْتَحَقَّ لِلْعِبَادَةِ بِحَقٍّ غَيْرُهُ، فَهُوَ قَصْرُ إفْرَادٍ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ وَيُشْرِكُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ [وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ] هَكَذَا هُوَ بِلَفْظِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ فِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ الْأُمَّهَاتِ السِّتِّ، وَوَهَمَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ فَسَاقَ حَدِيثَ " ابْنِ مَسْعُودٍ " بِلَفْظِ: [وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ] وَنَسَبَهُ إلَى الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَتَبِعَهُ عَلَى وَهْمِهِ صَاحِبُ تَيْسِيرِ الْوُصُولِ، وَتَبِعَهُمَا عَلَى الْوَهْمِ الْجَلَالُ فِي ضُوءِ النَّهَارِ، وَزَادَ أَنَّهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، فَتَنَبَّهْ.
[ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُو]. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ. قَالَ الْبَزَّارُ: أَصَحُّ حَدِيثٍ عِنْدِي فِي التَّشَهُّدِ حَدِيثُ " ابْنِ مَسْعُودٍ "، يُرْوَى عَنْهُ مِنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقًا، وَلَا نَعْلَمُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ أَثْبَتَ مِنْهُ، وَلَا أَصَحَّ إسْنَادًا؛ وَلَا أَثْبَتَ رِجَالًا وَلَا أَشَدَّ تَضَافُرًا بِكَثْرَةِ الْأَسَانِيدِ وَالطُّرُقِ. وَقَالَ مُسْلِمٌ: إنَّمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَغَيْرُهُ قَدْ اخْتَلَفَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: هُوَ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي التَّشَهُّدِ؛ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ التَّشَهُّدِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صَحَابِيًّا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، اخْتَارَ الْجَمَاهِيرُ مِنْهَا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ ".
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ التَّشَهُّدِ لِقَوْلِهِ: " فَلْيَقُلْ "، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى وُجُوبِهِ أَئِمَّةُ الْآلِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ؛ لِعَدَمِ تَعْلِيمِهِ الْمُسِيءَ صَلَاتَهُ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَجِبُ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ قَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ، وَقَدْ سَمِعْت أَرْجَحِيَّةَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ "، وَقَدْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ فَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَقَدْ رَجَّحَ جَمَاعَةٌ غَيْرَهُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ الْوَارِدَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَزَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَوْلُ: " وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ " فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ لَكِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ حَدِيثِ " أَبِي مُوسَى " عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَفِي حَدِيثِ " عَائِشَةَ " الْمَوْقُوفِ فِي الْمُوَطَّإِ، وَفِي حَدِيثِ " ابْنِ عُمَرَ " عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، إلَّا أَنَّهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ؛ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: " قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْت فِيهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ " وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى " ابْنِ عُمَرَ "، وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ " زَادَ أَبُو دَاوُد " فَيَدْعُو " وَنَحْوَهُ النَّسَائِيّ مِنْ وَجْهٍ بِلَفْظِ: " فَلْيَدْعُ "؛ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ أَيْضًا لِلْأَمْرِ بِهِ، وَأَنَّهُ يَدْعُو بِمَا شَاءَ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى وُجُوبِ الِاسْتِعَاذَةِ الْآتِيَةِ طَاوُسٌ؛ فَإِنَّهُ أَمَرَ ابْنَهُ بِالْإِعَادَةِ لِلصَّلَاةِ لَمَّا لَمْ يَتَعَوَّذْ مِنْ الْأَرْبَعِ الْآتِي ذِكْرُهَا، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَيَجِبُ أَيْضًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ مَعَ الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالنَّخَعِيُّ وَطَاوُسٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِمَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَدْعُو إلَّا بِمَا كَانَ مَأْثُورًا، وَيَرُدُّ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute