٣٥١ - وَعَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي آخِرِهَا»
٣٥٢ - وَعَنْهَا، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «من كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
فَيُصَلِّي الثَّلَاثَ وَكَأَنَّهُ كَانَ قَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ النَّوْمَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فَسَأَلَتْهُ فَأَجَابَهَا بِقَوْلِهِ قَالَ يَا عَائِشَةُ «إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّاقِضَ نَوْمُ الْقَلْبِ، وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ كُلِّ مَنْ نَامَ مُسْتَغْرِقًا فَيَكُونُ مِنْ الْخَصَائِصِ أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ فِي التَّلْخِيصِ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ " وَفِي الْبُخَارِيِّ «إنَّ الْأَنْبِيَاءَ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ عَائِشَةَ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّيْلِ وَعَدَدِهَا فَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا سَبْعٌ وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَمِنْهَا هَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي أَفَادَهَا قَوْلُهُ (وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا) أَيْ الشَّيْخَيْنِ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ» وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ لَا قُعُودَ فِيهَا (وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ) أَيْ رَكْعَةً (وَيَرْكَعُ رَكْعَةَ الْفَجْرِ) أَيْ بَعْدَ طُلُوعِهِ (فَتِلْكَ) أَيْ الصَّلَاةُ فِي اللَّيْلِ مَعَ تَغْلِيبِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَوْ فَتِلْكَ الصَّلَاةُ جَمِيعًا (ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً) وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَكَانَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَلَمَّا اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَعَمَ الْبَعْضُ أَنَّهُ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الرِّوَايَاتُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسَبِ النَّشَاطِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ الْكُلَّ جَائِزٌ، وَهَذَا لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهَا وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنْ الْأَغْلَبِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُنَافِيهِ مَا خَالَفَهُ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ النَّادِرِ.
(وَعَنْهَا) أَيْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» لَمْ تُفَصِّلْهَا وَتُبَيِّنْ عَلَى كَمْ كَانَ يُسَلِّمُ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ إنَّمَا بَيَّنَتْ هَذَا فِي الْوِتْرِ بِقَوْلِهَا (يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ (بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي آخِرِهَا) كَأَنَّ هَذَا أَحَدُ أَنْوَاعِ إيتَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَنَّ الْإِيتَارَ بِثَلَاثٍ أَحَدُهَا كَمَا أَفَادَهُ حَدِيثُهَا السَّابِقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute