٣٦٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَصُهَيْبٌ وَمُعَاذٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَامَّةُ مَنْ رَوَاهُ قَالُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَّا ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَلَهُ رِوَايَةٌ فِيهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ غَيْرُ مُرَادٍ فَرِوَايَةُ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ رِوَايَةِ السَّبْعِ، وَالْعِشْرِينَ أَوْ أَنَّهُ أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَقَلِّ عَدَدًا أَوَّلًا ثُمَّ أَخْبَرَ بِالْأَكْثَرِ وَأَنَّهُ زِيَادَةٌ تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهَا وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ السَّبْعَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، وَالْخَمْسَ لِمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ: السَّبْعُ لِبَعِيدِ الْمَسْجِدِ، وَالْخَمْسُ لِقَرِيبِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْدَى مُنَاسِبَاتٍ وَتَعْلِيلَاتٍ اسْتَوْفَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَهِيَ أَقْوَالٌ تَخْمِينِيَّةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا نَصٌّ، وَالْجُزْءُ وَالدَّرَجَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ هُنَا؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَقَدْ وَرَدَ تَفْسِيرُهُمَا بِالصَّلَاةِ، وَأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً فُرَادَى، وَالْحَدِيثُ حَثَّ عَلَى الْجَمَاعَةِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا، وَقَدْ قَالَ بِوُجُوبِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) أَيْ فِي مِلْكِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ (لَقَدْ هَمَمْت) جَوَابُ الْقَسَمِ، وَالْإِقْسَامُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ عِظَمِ شَأْنِ مَا يَذْكُرُهُ زَجْرًا عَنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ (أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ) فِي الصِّحَاحِ خَالَفَ إلَى فُلَانٍ أَيْ أَتَاهُ إذَا غَابَ عَنْهُ إلَى (رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ) أَيْ لَا يَحْضُرُونَ الْجَمَاعَةَ (فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ثُمَّ قَافٍ هُوَ الْعَظْمُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ لَحْمٌ (سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ تَثْنِيَةَ مِرْمَاةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَرَاءٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ تُفْتَحُ الْمِيمُ وَهِيَ مَا بَيْنَ ضِلْعِ الشَّاةِ مِنْ اللَّحْمِ (حَسَنَتَيْنِ) بِمُهْمَلَتَيْنِ مِنْ الْحُسْنِ (لَشَهِدَ الْعِشَاءَ) أَيْ صَلَاتَهُ فِي جَمَاعَةٍ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ (وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ
)، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ عَيْنًا لَا كِفَايَةً إذْ قَدْ قَامَ بِهَا غَيْرُهُمْ فَلَا يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَةَ وَلَا عُقُوبَةَ إلَّا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ.
وَإِلَى أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute