٣٧١ - وَعَنْهُ قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلَى الْمَسْجِدِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَجِبْ» رَوَاهُ مُسْلِم.
بِهِمَا وَلِأَنَّهُمَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَدَاعِي الرِّيَاءِ الَّذِي لِأَجْلِهِ يُصَلُّونَ مُنْتَفٍ لِعَدَمِ مُشَاهَدَةِ مَنْ يُرَاءُونَهُ مِنْ النَّاسِ إلَّا الْقَلِيلَ فَانْتَفَى الْبَاعِثُ الدِّينِيُّ مِنْهُمَا كَمَا انْتَفَى فِي غَيْرِهِمَا ثُمَّ انْتَفَى الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ الَّذِي فِي غَيْرِهِمَا وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاظِرًا إلَى انْتِفَاءِ الْبَاعِثِ الدِّينِيِّ عِنْدَهُمْ (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا) فِي فِعْلِهِمَا مِنْ الْأَجْرِ (لَأَتَوْهُمَا) إلَى الْمَسْجِدِ (وَلَوْ حَبْوًا ") أَيْ وَلَوْ مَشُوًّا حَبْوًا أَيْ كَحَبْوِ الصَّبِيِّ عَلَى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّحْفُ عَلَى الرُّكَبِ وَقِيلَ عَلَى الِاسْتِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ " وَلَوْ حَبْوًا عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ " وَفِي رِوَايَةِ جَابِرٍ عِنْدَهُ أَيْضًا بِلَفْظِ " وَلَوْ حَبْوًا أَوْ زَحْفًا " فِيهِ حَثٌّ بَلِيغٌ عَلَى الْإِتْيَانِ إلَيْهِمَا وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا عَلِمَ مَا فِيهِمَا أَتَى إلَيْهِمَا عَلَى أَيِّ حَالٍ فَإِنَّهُ مَا حَالَ بَيْنَ الْمُنَافِقِ وَبَيْنَ هَذَا الْإِتْيَانِ إلَّا عَدَمُ تَصْدِيقِهِ بِمَا فِيهِمَا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
(وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ أَعْمَى) قَدْ وَرَدَتْ بِتَفْسِيرِهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَأَنَّهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ (قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلَى الْمَسْجِدِ فَرَخَّصَ لَهُ) أَيْ فِي عَدَمِ إتْيَانِ الْمَسْجِدِ (فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ " هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ) وَفِي رِوَايَةٍ الْإِقَامَةَ (بِالصَّلَاةِ " قَالَ نَعَمْ قَالَ " فَأَجِبْ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ
) كَانَ التَّرْخِيصُ أَوَّلًا مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِسَمَاعِهِ النِّدَاءَ فَرَخَّصَ لَهُ ثُمَّ سَأَلَهُ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ نَعَمْ فَأَمَرَهُ بِالْإِجَابَةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ، وَإِذَا سَمِعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ عَنْ الْحُضُورِ.
، وَالْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّةِ الْإِيجَابِ لِلْجَمَاعَةِ عَيْنًا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْوُجُوبُ عَيْنًا عَلَى سَامِعِ النِّدَاءِ لِتَقْيِيدِ حَدِيثِ الْأَعْمَى وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَهُ وَمَا أُطْلِقَ مِنْ الْأَحَادِيثِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ.
، وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَى وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ عَيْنًا أَوْ كِفَايَةً، وَالدَّلِيلُ هُوَ حَدِيثُ الْهَمِّ بِالتَّحْرِيقِ وَحَدِيثُ الْأَعْمَى وَهُمَا إنَّمَا دَلَّا عَلَى وُجُوبِ حُضُورِ جَمَاعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسْجِدِهِ لِسَمَاعِ النِّدَاءِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةً مُطْلَقًا لَبَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِلْأَعْمَى وَلَقَالَ لَهُ اُنْظُرْ مَنْ يُصَلِّي مَعَك وَلَقَالَ فِي الْمُتَخَلِّفِينَ إنَّهُمْ لَا يَحْضُرُونَ جَمَاعَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُجْمِعُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَالْبَيَانُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ فَالْأَحَادِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute