. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَا حُجَّةَ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ عَلَى الِاقْتِصَارِ إذْ عَدَمُ الذِّكْرِ فِي اللَّفْظِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَوْلُهُ إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ قَوْلِهِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَقَوْلُهُ قُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْمُؤْتَمِّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى فِي حِكَايَتِهِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - زِيَادَةٌ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ غَيْرُ مُعَارِضٍ لَهَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَطَاءٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ وَقَوْلُهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ عِنْدَ انْتِصَابِهِ وَقَوْلُهُ (فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْقُعُودِ لِعُذْرٍ وَأَنَّهُ يَقْعُدُ الْمَأْمُومُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ وَقَدْ وَرَدَ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ فِعْلُ فَارِسَ وَالرُّومِ أَيْ الْقِيَامَ مَعَ قُعُودِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلَا تَفْعَلُوا» وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّهَا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْقَائِمِ خَلْفَ الْقَاعِدِ لَا قَائِمًا وَلَا قَاعِدًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَخْتَلِفُوا عَلَى إمَامِكُمْ وَلَا تُتَابِعُوهُ فِي الْقُعُودِ» كَذَا فِي شَرْحِ الْقَاضِي، وَلَمْ يُسْنِدْهُ إلَى كِتَابٍ وَلَا وَجَدْت قَوْلَهُ وَلَا تُتَابِعُوهُ فِي الْقُعُودِ فِي حَدِيثٍ فَيُنْظَرُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْقَائِمِ خَلْفَ الْقَاعِدِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي الْقُعُودِ قَالُوا: لِصَلَاةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قِيَامًا حِينَ خَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ قَدْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَعَدَ عَنْ يَسَارِهِ فَكَانَ ذَلِكَ نَاسِخًا لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ بِالْجُلُوسِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَلَاتِهِ حِينَ جُحِشَ وَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَكَانَ هَذَا آخِرَ الْأَمْرَيْنِ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ كَذَا قَرَّرَهُ الشَّافِعِيُّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي أَمَرَهُمْ فِيهَا بِالْجُلُوسِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي صِحَّتِهَا وَلَا فِي سِيَاقِهَا وَأَمَّا صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وَالِاسْتِدْلَالُ بِصَلَاتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَتِمُّ إلَّا عَلَى أَنَّهُ كَانَ إمَامًا.
وَمِنْهَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْجُلُوسِ لِلنَّدَبِ وَتَقْرِيرُ الْقِيَامِ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ خَارِجًا عَنْ الْمَذْهَبَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ لِلْمُؤْتَمِّ بَيْنَ الْقِيَامِ، وَالْقُعُودِ وَمِنْهَا أَنَّهَا قَدْ ثَبَتَ فِعْلُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ أَمُّوا قُعُودًا وَمَنْ خَلْفَهُمْ قُعُودًا أَيْضًا مِنْهُمْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَجَابِرٌ وَأَفْتَى بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدُكُمْ بَعْدِي قَاعِدًا قَوْمًا قِيَامًا» فَإِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَابِرٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُرْسَلٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ قَدْ عَلِمَ مِنْ احْتَجَّ بِهِ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَمِنْ رُوَاتِهِ رَجُلٌ يَرْغَبُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَنْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ يَعْنِي جَابِرًا الْجُعْفِيَّ.
وَذَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute