للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

صَلَّى رَكْعَتَيْنِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ)

الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ " إذَا خَرَجَ " إذَا كَانَ قَصْدُهُ مَسَافَةَ هَذَا الْقَدْرِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا طَوِيلًا فَلَا يَقْصُرُ إلَّا بَعْدَ هَذِهِ الْمَسَافَةِ وَقَوْلُهُ أَمْيَالٍ أَوْ فَرَاسِخَ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَلَيْسَ التَّخْيِيرُ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ شَكَّ فِيهِ شُعْبَةُ قِيلَ فِي حَدِّ الْمِيلِ هُوَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الشَّخْصِ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَلَا يَدْرِي أَهُوَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَةً مُتَعَادِلَةً، وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شَعِيرَاتٍ مُعْتَرِضَةً مُتَعَادِلَةً، وَقِيلَ: هُوَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ بِقَدَمِ الْإِنْسَانِ وَقِيلَ: هُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ، وَقِيلَ: أَلْفُ خُطْوَةٍ لِلْجَمَلِ وَقِيلَ: ثَلَاثُ آلَافِ ذِرَاعٍ بِالْهَاشِمِيِّ وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أُصْبُعًا، وَهُوَ ذِرَاعُ الْهَادِي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ الذِّرَاعُ الْعُمَرِيُّ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ فِي صَنْعَاءَ وَبِلَادِهَا.

وَأَمَّا الْفَرْسَخُ فَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ عَلَى نَحْوِ عِشْرِينَ قَوْلًا حَكَاهَا ابْنُ الْمُنْذِرِ فَذَهَبَ الظَّاهِرِيَّةُ إلَى الْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا: مَسَافَةُ الْقَصْرِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَأُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ نَعَمْ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثَةِ الْفَرَاسِخِ إذْ الْأَمْيَالُ دَاخِلَةٌ فِيهَا فَيُؤْخَذُ بِالْأَكْثَرِ، وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ لَكِنْ قِيلَ إنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ إلَى التَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثَةِ الْفَرَاسِخِ أَحَدٌ نَعَمْ يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ لِلظَّاهِرِيَّةِ بِمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَافَرَ فَرْسَخًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْفَرْسَخَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا خَرَجْتُ مِيلًا قَصَرْتُ الصَّلَاةَ "، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ دَاوُد وَيَلْحَقُ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ وَأَحْمَدَ بْنِ عِيسَى وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ: إنَّهُ يَقْصُرُ فِي مَسَافَةِ بَرِيدٍ فَصَاعِدًا مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُسَافِرُ بَرِيدًا إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد قَالُوا فَسَمَّى مَسَافَةَ الْبَرِيدِ سَفَرًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى الْأَقَلُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ سَفَرًا، وَإِنَّمَا هَذَا تَحْدِيدٌ لِلسَّفَرِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْمَحْرَمُ. وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَمَسَافَةِ وُجُوبِ الْمَحْرَمِ لِجَوَازِ التَّوْسِعَةِ فِي إيجَابِ الْمَحْرَمِ تَخْفِيفًا عَلَى الْعِبَادِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْمُؤَيَّدُ وَغَيْرُهُمَا، وَالْحَنَفِيَّةُ: بَلْ مَسَافَتُهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا لِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ» قَالُوا وَسَيْرُ الْإِبِلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَلْ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ» وَسَيَأْتِي، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَبِأَنَّهُ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ " أَنَّهُ سُئِلَ أَتُقْصَرُ الصَّلَاةُ مِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ قَالَ لَا وَلَكِنْ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>