٤٥٦ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الْبَالِغَاتِ، وَالْمُقَارِبَاتِ لِلْبُلُوغِ (وَالْحُيَّضَ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ (فِي الْعِيدَيْنِ يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ) هُوَ الدُّخُولُ فِي فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ الْحُيَّضِ (وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ) تَعُمُّ لِلْجَمِيعِ «وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) لَكِنَّ لَفْظَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ «أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ أَوْ قَالَ: الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَيَعْتَزِلْنَ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى» وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتَ الْخُدُورِ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ» فَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ لَفْظَ أَحَدِهِمَا.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إخْرَاجِهِنَّ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (: الْأَوَّلُ): أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَبِهِ قَالَ الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَيُؤَيِّدُ الْوُجُوبَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخْرِجُ نِسَاءَهُ وَبَنَاتَهُ فِي الْعِيدَيْنِ»، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ عَامٌّ لِمَنْ كَانَتْ ذَاتَ هَيْئَةٍ وَغَيْرِهَا وَصَرِيحٌ فِي الثَّوَابِ، وَفِي الْعَجَائِزِ بِالْأَوْلَى.
(وَالثَّانِي): سُنَّةٌ وَحُمِلَ الْأَمْرُ بِخُرُوجِهِنَّ عَلَى النَّدْبِ قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَوَّاهُ الشَّارِحُ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّهُ عَلَّلَ خُرُوجَهُنَّ بِشُهُودِ الْخَيْرِ وَدَعْوَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا عُلِّلَ بِذَلِكَ وَلَكَانَ خُرُوجُهُنَّ؛ لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ لِامْتِثَالِ الْأَمْرِ (قُلْت)، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُعَلَّلُ الْوَاجِبُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ وَلَا يُعَلَّلُ بِأَدَائِهِ، وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ، وَالْعَجَائِزِ فَإِنَّهُ قَالَ: أُحِبُّ شُهُودَ الْعَجَائِزِ، وَغَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ مِنْ النِّسَاءِ الصَّلَاةَ، وَأَنَا لِشُهُودِهِنَّ الْأَعْيَادَ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا.
وَ (الثَّالِثُ): أَنَّهُ مَنْسُوخٌ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِلِاحْتِيَاجِ فِي خُرُوجِهِنَّ لِتَكْثِيرِ السَّوَادِ فَيَكُونُ فِيهِ إرْهَابٌ لِلْعَدُوِّ ثُمَّ نُسِخَ وَتَعَقَّبَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَيَدْفَعُهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ خُرُوجَهُنَّ، وَهُوَ صَغِيرٌ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِنَّ لِقُوَّةِ الْإِسْلَامِ حِينَئِذٍ وَيَدْفَعُهُ أَنَّهُ عَلَّلَ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ حُضُورَهُنَّ لِشَهَادَتِهِنَّ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيَدْفَعُهُ أَنَّهُ أَفْتَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ بَعْدَ، وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُدَّةٍ وَلَمْ يُخَالِفْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
، وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ: «لَوْ رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ عَنْ الْمَسَاجِدِ» فَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ خُرُوجِهِنَّ وَلَا عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ بِهِ بَلْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُنَّ لَا يُمْنَعْنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِنَّ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَمْنَعَ مَا أَمَرَ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute