. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي دَعْوَى الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِوُجُوبِهَا وَحَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجْرَاهَا مَجْرَى الْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إيجَابُهَا، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهَا تُسَنُّ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: فُرَادَى وَحُجَّةُ الْأَوَّلِينَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا جَمَاعَةٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا.
فَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَرُكُوعَانِ وَالسُّجُودُ سَجْدَتَانِ كَغَيْرِهِمَا، وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ ذَهَبَ إلَيْهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ وَفِي قَوْلِهِ: " نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ أَوَّلِ رَكْعَةِ الْفَاتِحَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيَامِ الثَّانِي، وَمَذْهَبُنَا وَمَالِكٌ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِقِرَاءَتِهَا، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ طُولِ الرُّكُوعِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ بَيَانَ مَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمَشْرُوعُ فِيهِ الذِّكْرُ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَغَيْرِهِمَا وَفِي قَوْلِهِ: " وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ " دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ الَّذِي يَعْقُبُهُ السُّجُودُ لَا تَطْوِيلَ فِيهِ، وَأَنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ " أَنَّهُ أَطَالَ ذَلِكَ " لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهَا شَاذَّةٌ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَنَقَلَ الْقَاضِي إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ الِاعْتِدَالَ الَّذِي يَلِي السُّجُودَ وَتَأَوَّلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِطَالَةِ زِيَادَةَ الطُّمَأْنِينَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ طُولَ السُّجُودِ وَلَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إطَالَتُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ إنَّهُ يُطَوِّلُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِذَلِكَ فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ " كَانَ أَطْوَلُ مَا يَسْجُدُ فِي صَلَاةٍ قَطُّ " وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ " وَسُجُودُهُ نَحْوُ مِنْ رُكُوعِهِ " وَبِهِ جَزَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَيَقُولُ عَقِيبَ كُلِّ رُكُوعٍ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ يَقُولُ عَقِيبَهُ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ وَيُطَوِّلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَدْ، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ «إطَالَةُ الِاعْتِدَالِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ إلَّا فِي هَذَا وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ إطَالَتِهِ مَرْدُودٌ وَفِي قَوْلِهِ: " ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ " دَلِيلٌ عَلَى إطَالَةِ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَلَكِنَّهُ دُونَ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُرْوَةَ " أَنَّهُ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ " قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا تَكُونُ أَطْوَلَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا وَاخْتُلِفَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَرُكُوعِهِ هَلْ هُمَا أَقْصَرُ مِنْ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ وَرُكُوعِهِ أَوْ يَكُونَانِ سَوَاءً قِيلَ: وَسَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ فَهْمُ مَعْنَى قَوْلِهِ: " وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ " هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ فَيَكُونُ كُلُّ قِيَامٍ دُونَ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِي قَوْلِهِ: " فَخَطَبَ النَّاسَ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute