للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا» تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنْ حُذَيْفَةَ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» الْحَدِيثَ. فَقَوْلُهُ هُنَا نَهْيُ إخْبَارٍ عَنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ «وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

أَيْ وَنَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالنَّهْيُ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَإِلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ.

وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ قَوْمٍ إبَاحَتَهُ وَنَسَبَ فِي الْبَحْرِ إبَاحَتَهُ إلَى ابْنِ عُلَيَّةَ، وَقَالَ: إنَّهُ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَهُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ: قَدْ ثَبَتَ لُبْسُ الْحَرِيرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ أَبُو دَاوُد: لَبِسَهُ عِشْرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأَكْثَرُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَمْعٍ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ " قَالَ: أَتَتْ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ مَطَارِفُ خَزٍّ فَكَسَاهَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ: وَالْأَصَحُّ فِي تَفْسِيرِ الْخَزِّ أَنَّهُ ثِيَابٌ سُدَاهَا مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَقِيلَ: تُنْسَجُ مَخْلُوطَةً مِنْ حَرِيرٍ وَصُوفٍ أَوْ نَحْوِهِ وَقِيلَ: أَصْلُهُ اسْمُ دَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا الْخَزُّ فَسُمِّيَ الثَّوْبُ الْمُتَّخَذُ مِنْ وَبَرِهِ خَزًّا لِنُعُومَتِهِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا خُلِطَ بِحَرِيرٍ لِنُعُومَةِ الْحَرِيرِ إذَا عَرَفْت هَذَا فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الَّذِي لَبِسَهُ الصَّحَابَةُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد كَانَ مِنْ الْخَزِّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ يَأْبَى ذَلِكَ.

، وَأَمَّا الْقَزُّ بِالْقَافِ بَدَلِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ مِنْ الْحَرِيرِ فَحَرَّمُوهُ عَلَى الرِّجَالِ أَيْضًا وَالْقَوْلُ بِحِلِّهِ وَحِلِّ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ قَوْلُ الْجَمَاهِيرِ إلَّا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْهُ " أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمْ الْحَرِيرَ فَإِنِّي سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ» فَأَخَذَ بِالْعُمُومِ إلَّا أَنَّهُ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى حِلِّ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ فَأَمَّا الصِّبْيَانُ مِنْ الذُّكُورِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يَجُوزُ لِبَاسُهُمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يَجُوزُ لِبَاسُهُمْ الْحُلِيَّ وَالْحَرِيرَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ.

وَأَمَّا الدِّيبَاجُ فَهُوَ مَا غَلُظَ مِنْ ثِيَابِ الْحَرِيرِ وَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

، وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَلَى الْحَرِيرِ فَقَدْ أَفَادَ الْحَدِيثُ النَّهْيَ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ: إنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ " قَالَ: "، وَهِيَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِمَنْعِ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْكُوفِيِّينَ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ إنَّ قَوْلَهُ نَهَى لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّحْرِيمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ وَرَدَ عَنْ مَجْمُوعِ اللُّبْسِ وَالْجُلُوسِ لَا الْجُلُوسَ وَحْدَهُ قُلْت: وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُ هَذَا الْقَائِلِ، وَالْإِخْرَاجُ عَنْ الظَّاهِرِ بِلَا حَاجَةٍ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: يُدَارُ الْجَوَازُ وَالتَّحْرِيمُ عَلَى اللُّبْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ فِيهِ وَالْجُلُوسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>