٥٠٢ - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
عَلَيْهِ وَالْمُوَالَاةَ لِئَلَّا يَضْجَرَ، وَيَضِيقَ حَالُهُ وَيَشْتَدَّ كَرْبُهُ فَيَكْرَهَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَيَتَكَلَّمَ بِمَا لَا يَلِيقُ قَالُوا: وَإِذَا تَكَلَّمَ مَرَّةً فَيُعَادُ عَلَيْهِ الْعَرْضُ لِيَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَيْ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ إحْدَاهُمَا إلَّا بِالْأُخْرَى كَمَا عُلِمَ.
وَالْمُرَادُ بِمَوْتَاكُمْ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مَوْتَى غَيْرِهِمْ فَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامُ كَمَا «عَرَضَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَمِّهِ عِنْدَ السِّيَاقِ وَعَلَى الذِّمِّيِّ الَّذِي كَانَ يَخْدُمُهُ فَعَادَهُ وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ» وَكَأَنَّهُ خَصَّ فِي الْحَدِيثِ مَوْتَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَقْبَلُونَ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ حُضُورَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُمْ هُوَ الْأَغْلَبُ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ مَوْتَاهُمْ إلَّا الْكُفَّارُ
(فَائِدَةٌ) يَحْسُنُ أَنْ يُذَكَّرَ الْمَرِيضُ بِسَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ وَبِرِّهِ فَيَحْسُنُ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ " سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ إبْرَاهِيمَ " قَالَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُلَقِّنُوا الْعَبْدَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ لِكَيْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ ".
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ إنَّهُ يَحْسُنُ جَمْعُ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا فِي الرَّجَاءِ تُقْرَأُ عَلَى الْمَرِيضِ فَيَشْتَدُّ حُسْنُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ فَإِنَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ، وَإِذَا امْتَزَجَ خَوْفُ الْعَبْدِ بِرَجَائِهِ عِنْدَ سِيَاقِ الْمَوْتِ فَهُوَ مَحْمُودٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقِيلَ كَيْفَ تَجِدُك قَالَ: أَرْجُو اللَّهَ وَأَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُوهُ، وَأَمَّنَهُ مِمَّا يَخَافُ.»
(فَائِدَةٌ) أُخْرَى: يَنْبَغِي أَنْ يُوَجَّهَ مَنْ هُوَ فِي السِّيَاقِ إلَى الْقِبْلَةِ لِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ سَأَلَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ قَالُوا: تُوُفِّيَ، وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْصَى أَنْ يُوَجَّهَ الْقِبْلَةَ إذَا اُحْتُضِرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَصَابَ الْفِطْرَةَ، وَقَدْ رَدَدْتُ ثُلُثَهُ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَأَدْخِلْهُ جَنَّتَك وَقَدْ فَعَلْت»، وَقَالَ الْحَاكِمُ: لَا أَعْلَمُ فِي تَوْجِيهِ الْمُحْتَضَرِ لِلْقِبْلَةِ غَيْرَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute