للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (مِنْ كُرْسُفٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَفَاءٌ أَيْ قُطْنٍ (لَيْسَ فِيهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ (قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) بَلْ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلِفَافَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

) فِيهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ التَّكْفِينُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يَكُنْ يَخْتَارُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْأَفْضَلَ، وَقَدْ رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «الْبَسُوا ثِيَابَ الْبَيَاضِ فَإِنَّهَا أَطْيَبُ وَأَطْهَرُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ أَخْرَجُوهُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُجِّيَ بِبُرْدِ حِبَرَةٍ "، وَهِيَ بُرْدٌ يَمَانِيٌّ مُخَطَّطٌ غَالِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يُعَارِضُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُكَفَّنْ فِي ذَلِكَ الْبُرْدِ بَلْ سَجَّوْهُ بِهِ لِيَتَجَفَّفَ فِيهِ ثُمَّ نَزَعُوهُ عَنْهُ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّسْجِيَةَ كَانَتْ قَبْلَ الْغُسْلِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: تَكْفِينُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي كَفَنِهِ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ " فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ يَصْلُحُ حَدِيثُهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ إلَّا إذَا انْفَرَدَ فَلَا يَحْسُنُ فَكَيْفَ إذَا خَالَفَ كَمَا هُنَا فَلَا يُقْبَلُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا يَعْضُدُ رِوَايَةَ ابْنِ عَقِيلٍ فَإِنْ ثَبَتَ جُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّهَا رَوَتْ مَا اطَّلَعَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ، وَغَيْرُهَا رَوَى مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ سِيَّمَا إنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِلْغُسْلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ مِنْ الْكَفَنِ مَا يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِ الْمَيِّتِ فَإِنْ قَصُرَ عَنْ سَتْرِ الْجَمِيعِ قُدِّمَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا سُتِرَ بِهِ مِنْ جَانِبِ الرَّأْسِ وَجُعِلَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ حَشِيشٌ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَمِّهِ حَمْزَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ فَإِنْ أُرِيدَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ فَالْمَنْدُوبُ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاثْنَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ، وَقَدْ عَرَفْت مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ كَيْفِيَّةَ الثَّلَاثَةِ، وَأَنَّهَا إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلِفَافَةٌ وَقِيلَ: مِئْزَرٌ وَدُرْجَانِ وَقِيلَ: يَكُونُ مِنْهَا قَمِيصٌ غَيْرُ مَخِيطٍ، وَإِزَارٌ يَبْلُغُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ وَلِفَافَةٌ يُلَفُّ بِهَا مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ وَتَأَوَّلَ هَذَا الْقَائِلُ قَوْلَ عَائِشَةَ: " لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ " بِأَنَّهَا أَرَادَتْ نَفْيَ وُجُوبِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا لَا الْقَمِيصَ وَحْدَهُ أَوْ أَنَّ الثَّلَاثَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ مِمَّا عَدَاهُمَا، وَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا.

قِيلَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّكْفِينَ بِالْقَمِيصِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ يُسْتَحَبَّانِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّنَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ فِي قَمِيصِهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا يَفْعَلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَا هُوَ الْأَحْسَنُ، وَفِيهِ أَنَّ قَمِيصَ الْمَيِّتِ مِثْلُ قَمِيصِ الْحَيِّ مَكْفُوفًا مَزْرُورًا، وَقَدْ اسْتَحَبَّ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْقَمِيصُ إلَّا إذَا كَانَتْ أَطْرَافُهُ غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>