. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْهُ وَالدَّيْلَمِيُّ وَابْنُ النَّجَّارِ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: أَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالْإِسْلَامُ وَمَا سَوَّى مِنْ خَلْقِك وَمَا أَسْبَغَ عَلَيْك مِنْ رِزْقِهِ، وَأَمَّا الْبَاطِنَةُ فَمَا سَتَرَ عَلَيْك مِنْ عَمَلِك» وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ مَوْقُوفَةٍ [النِّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ الْإِسْلَامُ، وَالْبَاطِنَةُ مَا سَتَرَ عَلَيْك مِنْ الذُّنُوبِ وَالْعُيُوبِ وَالْحُدُودِ] أَخْرَجَهَا ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْهُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ مَوْقُوفَةٍ أَيْضًا [النِّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ هِيَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ] أَخْرَجَهَا عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ وَتَفْسِيرُهُمَا مَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ: نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ هِيَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَلَى اللِّسَانِ، وَبَاطِنَةٌ قَالَ: فِي الْقَلْبِ: أَخْرَجَهَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَفَسَّرَهُمَا الشَّارِحُ بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ.
وَرَأَيْنَا التَّفْسِيرَ الْمَرْفُوعَ وَتَفْسِيرَ السَّلَفِ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ؛ (قَدِيمًا وَحَدِيثًا) مَنْصُوبَانِ عَلَى أَنَّهُمَا حَالَانِ مِنْ نِعَمِهِ، وَلَمْ يُؤَنَّثْ لِأَنَّ الْجَمْعَ لَمَّا أُضِيفَ صَارَ لِلْجِنْسِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَى جِنْسِ نِعَمِهِ، وَيَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَأَنَّهُمَا صِفَةٌ لِزَمَانٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: زَمَانًا قَدِيمًا وَزَمَانًا حَدِيثًا؛ وَالْقَدِيمُ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ حِينِ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، ثُمَّ فِي كُلِّ آنٍ مِنْ آنَاتِ زَمَانِهِ فَهِيَ مُسْبَغَةٌ عَلَيْهِ فِي قَدِيمِ زَمَانِهِ وَحَدِيثِهِ وَحَالَ تَكَلُّمِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِقَدِيمِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى الْآبَاءِ فَإِنَّهَا نِعَمٌ عَلَى الْأَبْنَاءِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ بِذِكْرِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى آبَائِهِمْ فَقَالَ: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} - الْآيَاتِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ الْآيَةَ، وَالتِّلَاوَةُ نِعْمَتِي فَكَأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَيُرَادُ بِالْحَدِيثِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ مِنْ حِينِ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، فَهِيَ حَادِثَةٌ نَظَرًا إلَى النِّعْمَةِ عَلَى الْآبَاءِ.
(وَالصَّلَاةُ) عَطْفُ اسْمِيَّةٍ عَلَى اسْمِيَّةٍ، وَهَلْ هُمَا خَبَرِيَّتَانِ أَوْ إنْشَائِيَّتَانِ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْمُحَقِّقِينَ، وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا خَبَرِيَّتَانِ لَفْظًا يُرَادُ بِهِمَا الْإِنْشَاءُ، وَلَمَّا كَانَتْ الْكِمَالَاتُ الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ وَمَا فِيهِ صَلَاحُ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ فَائِضَةٌ مِنْ الْجَنَابِ الْأَقْدَسِ عَلَى الْعِبَادِ بِوَاسِطَةِ هَذَا الرَّسُولِ الْكَرِيمِ، نَاسَبَ إرْدَافَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالتَّسْلِيمِ لِذَلِكَ، وَامْتِثَالًا لِآيَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وَلِحَدِيثِ: «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَلَا يُصَلَّى فِيهِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ أَكْتَعُ مَمْحُوقُ الْبَرَكَةِ» ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ، وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّهَاوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ الرَّهَاوِيُّ: غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ فِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا يُعْتَدُّ بِرِوَايَتِهِ وَلَا بِزِيَادَتِهِ؛ انْتَهَى.
وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ لِرَسُولِهِ تَشْرِيفُهُ وَزِيَادَةُ تَكْرِمَتِهِ، فَالْقَائِلُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، طَالِبٌ لَهُ زِيَادَةَ التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِمَةَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهَا آيَةُ الْوَسِيلَةِ وَهِيَ الَّتِي طَلَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعِبَادِ أَنْ يَسْأَلُوهَا لَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْآذَانِ.
(وَالسَّلَامُ) قَالَ الرَّاغِبُ: السَّلَامُ وَالسَّلَامَةُ التَّعَرِّي مِنْ الْآفَاتِ الْبَاطِنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute