. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنَّهُ مِنْ الطَّهَارَاتِ، وَأَنَّ فَضْلَ الصَّلَاةِ الَّتِي يَسْتَاكُ لَهَا سَبْعُونَ ضِعْفًا» أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ: قَدْ ذُكِرَ فِي السِّوَاكِ زِيَادَةٌ عَلَى مِائَةِ حَدِيثٍ فَوَا عَجَبًا لِسُنَّةٍ تَأْتِي فِيهَا الْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ، ثُمَّ يُهْمِلُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ، فَهَذِهِ خَيْبَةٌ عَظِيمَةٌ.
هَذَا، وَلَفْظُ السِّوَاكِ بِكَسْرِ السِّينِ فِي اللُّغَةِ: يُطْلَقْ عَلَى الْفِعْلِ؛ وَعَلَى الْآلَةِ؛ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ سُوكٌ؛ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ. وَيُرَادُ بِهِ فِي الِاصْطِلَاحِ: اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ؛ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ وَغَيْرُهَا.
قُلْت: وَعِنْدَ ذَهَابِ الْأَسْنَانِ أَيْضًا يُشْرَعُ لِحَدِيثِ " عَائِشَةَ ": «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَذْهَبُ فُوهُ؛ وَيَسْتَاكُ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ قُلْت: كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُدْخِلُ أُصْبُعَهُ فِي فَمِهِ» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ: فَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ، وَحَدِيثُ الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: [لَأَمَرْتهمْ] أَيْ أَمْرُ إيجَابٍ، فَإِنَّهُ تَرَكَ الْأَمْرَ بِهِ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ لَا أَمْرُ النَّدْبِ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِلَا مِرْيَةٍ.
وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى تَعْيِينِ وَقْتِهِ، وَهُوَ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ؛ وَفِي الشَّرْحِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَيَشْتَدُّ اسْتِحْبَابُهُ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ: عِنْدَ الصَّلَاةِ، سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ، أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ، كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا؛ عِنْدَ الْوُضُوءِ؛ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنْ النَّوْمِ؛ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: السِّرُّ فِيهِ، أَيْ فِي السِّوَاكِ عِنْدَ الصَّلَاةِ، أَنَّا مَأْمُورُونَ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ أَنْ نَكُونَ فِي حَالَةِ كَمَالٍ وَنَظَافَةٍ، إظْهَارًا لِشَرَفِ الْعِبَادَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَلَكِ، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ فَاهُ عَلَى فَمِ الْقَارِئِ وَيَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ. فَسُنَّ السِّوَاكُ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ.
ثُمَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَخُصُّ صَلَاةً فِي اسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ لَهَا؛ فِي إفْطَارٍ وَلَا صِيَامٍ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يُسَنُّ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الصَّوْمِ؛ لِئَلَّا يَذْهَبَ بِهِ خُلُوفُ الْفَمِ الْمَحْبُوبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ السِّوَاكَ لَا يَذْهَبُ بِهِ الْخُلُوفُ، فَإِنَّهُ صَادِرٌ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ، وَلَا يَذْهَبُ بِالسِّوَاكِ.
ثُمَّ هَلْ يُسَنُّ ذَلِكَ لِلْمُصَلِّي وَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا، كَمَا يَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ: [عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ]؟ قِيلَ: نَعَمْ يُسَنُّ ذَلِكَ، وَقِيلَ لَا يُسَنُّ إلَّا عِنْدَ الْوُضُوءِ؛ لِحَدِيثِ [مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ]، وَأَنَّهُ يُقَيِّدُ إطْلَاقَ [عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ] بِأَنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ وُضُوءِ كُلِّ صَلَاةٍ.
وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُ يُلَاحَظُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ شُرِعَ السِّوَاكُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ مَضَى وَقْتٌ طَوِيلٌ يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْفَمُ بِأَحَدِ الْمُتَغَيِّرَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ، وَهِيَ أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَطُولُ السُّكُوتِ، وَكَثْرَةُ الْكَلَامِ، وَتَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، شُرِعَ وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ وَإِلَّا فَلَا لَكَانَ وَجْهًا.
وَقَوْلُهُ فِي رَسْمِ السِّوَاكِ اصْطِلَاحًا (أَوْ نَحْوَهُ): أَيْ نَحْوَ الْعُودِ. وَيُرِيدُونَ بِهِ كُلَّ مَا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ كَالْخِرْقَةِ الْخَشِنَةِ، وَالْأُشْنَانِ؛ وَالْأَحْسَنُ