. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأُخْرَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالِ امْرِئٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «لَيْسَ فِي الْمَالِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهَا.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِصَابَ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَهُوَ إجْمَاعٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا كَثِيرًا سَرَدَهُ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ يَأْتِ بِمَا يَشْفِي وَتَسْكُنُ النَّفْسُ إلَيْهِ فِي قَدْرِهِ وَفِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ سِتَّةُ دَوَانِيقَ وَكُلَّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَالْمِثْقَالُ لَا يَتَغَيَّرُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ قَالَ: وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هَذَا وَقُرِّرَ فِي الْمَنَارِ بَعْدَ بَحْثٍ طَوِيلٍ أَنَّ نِصَابَ الْفِضَّةِ مِنْ الْقُرُوشِ الْمَوْجُودَةِ عَلَى رَأْيِ الْهَادَوِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قِرْشًا، وَعَلَى رَأْيِ الشَّافِعِيَّةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَعَلَى رَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ عِشْرُونَ وَتَزِيدُ قَلِيلًا وَأَنَّ نِصَابَ الذَّهَبِ عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ وَعِشْرُونَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا تَقْرِيبٌ.
وَفِيهِ أَنَّ قَدْرَ زَكَاةِ الْمِائَتَيْ الدِّرْهَمِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَهُوَ إجْمَاعٌ وَقَوْلُهُ: " فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ " قَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي رَفْعِهِ خِلَافًا وَعَلَى ثُبُوتِهِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الزَّائِدِ، وَقَالَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَفِيهِ أَيْ الزَّائِدِ رُبُعُ الْعُشْرِ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَأَنَّهُ لَا وَقَصَ فِيهِمَا وَلَعَلَّهُمْ يَحْمِلُونَ حَدِيثَ جَابِرٍ الْآتِي بِلَفْظِ «وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقِيَّ صَدَقَةٌ» عَلَى مَا إذَا انْفَرَدَتْ عَنْ نِصَابٍ مِنْهُمَا لَا إذَا كَانَتْ مُضَافَةً إلَى نِصَابٍ مِنْهُمَا وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
وَأَمَّا الْحُبُوبُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُمْ أَجْمَعُوا فِيمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَنَّهَا تَجِبُ زَكَاتُهُ لِحِسَابِهِ وَأَنَّهُ لَا أَوْقَاصَ فِيهَا انْتَهَى.
وَحَمَلُوا مَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ «وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ» عَلَى مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَهَذَا أَوْثَقُ وَهَذَا يُقَوِّي مَذْهَبَ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي النَّقْدَيْنِ وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ لَك عِشْرُونَ دِينَارًا) فِيهِ حُكْمُ نِصَابِ الذَّهَبِ وَقَدْرُ زَكَاتِهِ وَأَنَّهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ وَهُوَ أَيْضًا رُبُعُ عُشْرِهَا وَهُوَ عَامٌّ لِكُلِّ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ مَضْرُوبَيْنِ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ: «وَلَا يَحِلُّ بِالْوَرِقِ زَكَاةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ أَوَاقٍ» وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» وَأَمَّا الذَّهَبُ فَفِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوَرِقِ صَدَقَةً فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ فِي الذَّهَبِ صَدَقَةً إمَّا بِخَبَرٍ لَمْ يَبْلُغْنَا وَإِمَّا قِيَاسًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الذَّهَبِ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْآحَادِ الثِّقَاتِ وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (قُلْت): لَكِنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْآيَةَ مُنَبِّهٌ عَلَى أَنَّ فِي الذَّهَبِ حَقًّا لِلَّهِ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute