٦٣٧ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
رَوَاهُ مُسْلِمٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْآلِ وَأَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ (وَقَالَ) مَالِكٌ يُكْرَهُ صَوْمُهَا قَالَ: لِأَنَّهُ مَا رَأَى أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهَا وَلِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهَا (وَالْجَوَابُ) أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ النَّصِّ بِذَلِكَ لَا حُكْمَ لِهَذِهِ التَّعْلِيلَاتِ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا هَذَا الْحَدِيثُ يَعْنِي حَدِيثُ مُسْلِمٍ وَاعْلَمْ أَنَّ أَجْرَ صَوْمِهَا يَحْصُلُ لِمَنْ صَامَهَا مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُتَوَالِيَةً وَمَنْ صَامَهَا عَقِيبَ الْعِيدِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ مُتَفَرِّقًا فَهُوَ جَائِزٌ (قُلْت): وَلَا دَلِيلَ عَلَى اخْتِيَارِ كَوْنِهَا مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ إذْ مَنْ أَتَى بِهَا فِي شَوَّالٍ فِي أَيِّ أَيَّامِهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْبَعَ رَمَضَانَ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ وَإِنَّمَا شَبَّهَهَا بِصِيَامِ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَرَمَضَانُ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتٌّ مِنْ شَوَّالٍ بِشَهْرَيْنِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صِيَامِ الدَّهْرِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ (وَاعْلَمْ): أَنَّهُ قَالَ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ قَدْ طَعَنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ مُغْتَرًّا بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ إنَّهُ حَسَنٌ يُرِيدُ فِي رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَخِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (قُلْت): وَوَجْهُ الِاغْتِرَارِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ لَمْ يَصِفْهُ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِالْحُسْنِ وَكَأَنَّهُ فِي نُسَخِهِ وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ سِيَاقِهِ لِلْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ: قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ: وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، انْتَهَى (قُلْت): قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: إنَّهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَعِيدٌ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ. انْتَهَى ثُمَّ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ وَقَدْ اعْتَنَى شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ بِجَمْعِ طُرُقِهِ فَأَسْنَدَهُ عَنْ بِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا رَوَوْهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ وَأَكْثَرُهُمْ حُفَّاظٌ ثِقَاتٌ مِنْهُمْ السُّفْيَانَانِ وَتَابَعَ سَعْدًا عَلَى رِوَايَتِهِ أَخُوهُ يَحْيَى وَعَبْدُ رَبِّهِ وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبَانُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَعَائِشَةُ وَلَفْظُ ثَوْبَانَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرُهُ بِعَشَرَةٍ وَمَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute