. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَكَانَتْ سِتًّا وَقَدْ أَخْرَجَهَا بِلَفْظِ سِتٍّ أَبُو عَوَانَةَ وَسَرَدَ الْخَمْسَ مَعَ الْحَيَّةِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد زِيَادَةُ السَّبُعِ الْعَادِي فَكَانَتْ سَبْعًا وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ زِيَادَةُ الذِّئْبِ وَالنَّمِرِ فَكَانَتْ تِسْعًا إلَّا أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ الذُّهْلِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَهُمَا فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَوَقَعَ ذِكْرُ الذِّئْبِ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مَرْفُوعًا الْأَمْرَ لِلْمُحْرِمِ بِقَتْلِ الذِّئْبِ وَفِيهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الزِّيَادَاتُ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ غَيْرُ مُرَادٍ مِنْ قَوْلِهِ: " خَمْسٌ " وَالدَّوَابُّ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ جَمْعُ دَابَّةٍ وَهُوَ مَا دَبَّ مِنْ الْحَيَوَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَمَّى الطَّائِرَ دَابَّةً وَهُوَ يُطَابِقُ قَوْله تَعَالَى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} وَقِيلَ: يَخْرُجُ الطَّائِرُ مِنْ لَفْظِ الدَّابَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} وَلَا حُجَّةَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ هَذَا وَقَدْ اُخْتُصَّ فِي الْعُرْفِ لَفْظُ الدَّابَّةِ بِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ الْقَوَائِمِ وَتَسْمِيَتُهَا فَوَاسِقُ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لُغَةً الْخُرُوجُ وَمِنْهُ {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} أَيْ خَرَجَ وَيُسَمَّى الْعَاصِي فَاسِقًا لِخُرُوجِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ وَوُصِفَتْ الْمَذْكُورَةُ بِذَلِكَ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ فِي تَحْرِيمِ قَتْلِ الْمُحْرِمِ لَهَا، وَقِيلَ: لِخُرُوجِهَا عَنْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ فِي حِلِّ أَكْلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} فَسَمَّى مَا لَا يُؤْكَلُ فِسْقًا قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} وَقِيلَ: لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا بِالْإِيذَاءِ وَالْإِفْسَادِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ عِلَلٍ اسْتَخْرَجَهَا الْعُلَمَاءُ فِي حِلِّ قَتْلِ هَذِهِ الْخَمْسِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْفَتْوَى فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَلْحَقَ بِالْخَمْسِ كُلَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ لِلْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي أَلْحَقَ كُلَّ مَا لَا يُؤْكَلُ إلَّا مَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ. وَهَذَا قَدْ يُجَامِعُ الْأَوَّلَ وَمَنْ قَالَ بِالثَّالِثِ خَصَّ الْإِلْحَاقَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفْسَادُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي (قُلْت): وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَلَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا فَيَبْعُدُ الْإِلْحَاقُ لِغَيْرِ الْمَنْصُوصِ بِهَا وَالْأَحْوَطُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ وَبِهِ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ إلَّا أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا الْحَيَّةَ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ وَالذِّئْبَ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْكَلْبِ فِي الْكَلْبِيَّةِ وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ مَنْ ابْتَدَأَ بِالْعُدْوَانِ وَالْأَذَى مِنْ غَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالتَّعَدِّيَةُ بِمَعْنَى الْأَذَى إلَى كُلِّ مُؤْذٍ قَوِيٍّ بِالنَّظَرِ إلَى تَصَرُّفِ أَهْلِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْإِيمَاءِ بِالتَّعْلِيلِ بِالْفِسْقِ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الْحَدِّ. انْتَهَى (قُلْت): وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ فِسْقِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ كَمَا عَرَفْت فَلَا يَتِمُّ تَعْيِينُ وَاحِدٍ مِنْهَا عِلَّةً بِالْإِيمَاءِ فَلَا يَتِمُّ الْإِلْحَاقُ بِهِ وَإِذَا جَازَ قَتْلُهُنَّ لِلْمُحْرِمِ جَازَ لِلْحَلَالِ بِالْأَوْلَى وَقَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ " يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ " عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي لَفْظِ «لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ» فَدَلَّ أَنَّهُ يَقْتُلُهَا الْمُحْرِمُ فِي الْحَرَمِ وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute