. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَوَجَّهَ إلَى مِنًى.
وَتَوَجَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهَا رَاكِبًا فَنَزَلَ بِهَا وَصَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ. وَفِيهِ أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ وَفِي الطَّرِيقِ أَيْضًا، وَفِيهِ خِلَافٌ وَدَلِيلُ الْأَفْضَلِيَّةِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمِنًى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَأَنْ يَبِيتَ بِهَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَهِيَ لَيْلَةُ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَخْرُجُوا يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْ مِنًى إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَدْخُلُوا عَرَفَاتٍ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ. وَأَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِعَرَفَاتٍ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ بِنَمِرَةَ وَلَيْسَتْ مِنْ عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَدْخُلْ إلَى الْمَوْقِفِ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاتَيْنِ وَأَنْ لَا يُصَلِّيَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا وَأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ النَّاسَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرَيْنِ وَهَذِهِ إحْدَى الْأَرْبَعِ الْخُطَبِ الْمَسْنُونَةِ وَالثَّانِيَةُ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ يَخْطُبُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالثَّالِثَةُ يَوْمَ النَّحْرِ وَالرَّابِعَةُ يَوْمَ النَّفْرِ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَفِي قَوْلِهِ «ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ إلَى آخِرِهِ» سُنَنٌ وَآدَابٌ مِنْهَا أَنَّهُ يَجْعَلُ الذَّهَابَ إلَى الْمَوْقِفِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ. وَمِنْهَا أَنَّ الْوُقُوفَ رَاكِبًا أَفْضَلُ. وَمِنْهَا أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ وَهِيَ صَخَرَاتٌ مُفْتَرَشَاتٌ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَاتٍ. وَمِنْهَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الْوُقُوفِ. وَمِنْهَا أَنَّهُ يَبْقَى فِي الْمَوْقِفِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ وَيَكُونُ فِي وُقُوفِهِ دَاعِيًا «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ رَاكِبًا يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ فِي دُعَائِهِ رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى صَدْرِهِ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ خَيْرَ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَذَكَرَ مِنْ دُعَائِهِ فِي الْمَوْقِفِ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ كَاَلَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ اللَّهُمَّ لَك صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي وَإِلَيْك مَآبِي وَبِك تُرَاثِي اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَاسِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ» ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَمِنْهَا أَنْ يَدْفَعَ بَعْدَ تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِالسَّكِينَةِ وَيَأْمُرُ بِهَا النَّاسَ إنْ كَانَ مُطَاعًا وَيَضُمُّ زِمَامَ مَرْكُوبِهِ لِئَلَّا يُسْرِعَ فِي الْمَشْيِ إلَّا إذَا أَتَى جَبَلًا مِنْ جِبَالِ الرِّمَالِ أَرْخَاهُ قَلِيلًا لِيَخِفَّ عَلَى مَرْكُوبِهِ صُعُودَهُ فَإِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ بِهَا وَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمْعًا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَهَذَا الْجَمْعُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِهِ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ نُسُكٌ، وَقِيلَ: لِأَجْلِ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ وَأَنَّهُ لَا يُصَلِّي بَيْنَهُمَا شَيْئًا. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرَ) فِيهِ سُنَنٌ نَبَوِيَّةٌ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَهُوَ مَجْمَعٌ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ إنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ وَالْأَصْلُ فِيمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حُجَّتِهِ الْوُجُوبُ كَمَا عَرَفْت وَأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ ثُمَّ يَدْفَعَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَيَأْتِي الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَيَقِفُ بِهِ وَيَدْعُو وَالْوُقُوفُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ ثُمَّ يَدْفَعُ مِنْهُ عِنْدَ إسْفَارِ الْفَجْرِ إسْفَارًا بَلِيغًا فَيَأْتِي بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَيُسْرِعُ السَّيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ غَضَبِ اللَّهِ فِيهِ عَلَى أَصْحَابِ الْفِيلِ فَلَا يَنْبَغِي الْأَنَاةُ فِيهِ وَلَا الْبَقَاءُ بِهِ فَإِذَا أَتَى الْجَمْرَةَ - وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute