٧١٦ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: وَالْمُقَصِّرِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مَالِكٌ " أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ " وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ دَلِيلٌ لِخِلَافِ مَا قَالَ مَالِكٌ.
(وَعَنْهُ) أَيْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ» أَيْ الَّذِينَ حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ عِنْدَ الْإِحْلَالِ مِنْهَا (قَالُوا): يَعْنِي السَّامِعِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ: إنَّهُ لَمْ يَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ عَلَى الَّذِي تَوَلَّى السُّؤَالَ بَعْدَ الْبَحْثِ الشَّدِيدِ عَنْهُ (وَالْمُقَصِّرِينَ) هُوَ مِنْ عَطْفِ التَّلْقِينِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْآيَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: وَارْحَمْ الْمُقَصِّرِينَ (يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: " وَالْمُقَصِّرِينَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ مَرَّتَيْنِ وَعَطَفَ الْمُقَصِّرِينَ فِي الثَّالِثَةِ وَفِي رِوَايَاتٍ أَنَّهُ دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا ثُمَّ عَطَفَ الْمُقَصِّرِينَ ثُمَّ إنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ مَتَى كَانَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ: فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَجَزَمَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَقِيلَ: فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: كَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ ذَلِكَ وَبِمِثْلِهِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِتَظَافُرِ الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ وَأَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ هَذَا وَيَجِبُ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ اسْتِكْمَالُ حَلْقِهِ عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقِيلَ: هُوَ الْأَفْضَلُ وَيُجْزِئُ الْأَقَلُّ فَقِيلَ: الرُّبْعُ، وَقِيلَ: النِّصْفُ، وَقِيلَ: أَقَلُّ مَا يَجِبُ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، وَقِيلَ: شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْخِلَافُ فِي التَّقْصِيرِ فِي التَّفْضِيلِ مِثْلُ هَذَا وَأَمَّا مِقْدَارُهُ فَيَكُونُ مِقْدَارَ أُنْمُلَةٍ، وَقِيلَ: إذَا اقْتَصَرَ عَلَى دُونِهَا أَجْزَأَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ ثُمَّ هُوَ أَيْ تَفْضِيلُ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ، وَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَهُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ " ثُمَّ يَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا " وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ فِي حَقِّ الْمُتَمَتِّعِ وَفَصَّلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ فَقَالَ: إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَطْلُعُ شَعْرُهُ فَالْأَوْلَى لَهُ الْحَلْقُ وَإِلَّا فَالتَّقْصِيرُ لِيَقَعَ الْحَلْقُ فِي الْحَجِّ وَبَيَّنَ وَجْهَ التَّفْصِيلِ فِي الْفَتْحِ.
وَأَمَّا النِّسَاءُ فَالْمَشْرُوعُ فِي حَقِّهِنَّ التَّقْصِيرُ إجْمَاعًا وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ وَإِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute