. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَأَعِينِينِي) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ لِلْمُؤَنَّثِ مِنْ الْإِعَانَةِ فَقُلْت: إنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونُ وَلَاؤُك لِي فَعَلْت فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلَى أَهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهَا فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ عَرَضْت ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ فَسَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ» قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْمُزَنِيُّ يَعْنِي اشْتَرِطِي عَلَيْهِمْ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى «الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ» أَيْ فِي شَرْعِهِ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى الْعِبَادِ، وَحُكْمُهُ أَعَمُّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ «فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ. قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ» بِالِاتِّبَاعِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُخَالِفَةِ لِحُكْمِ اللَّهِ «وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْكِتَابَةِ وَهِيَ عَقْدٌ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ عَلَى رَقَبَتِهِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكُتُبِ وَهُوَ الْفَرْضُ وَالْحُكْمُ كَمَا فِي قَوْلِهِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ وَقَالَ عَطَاءٌ وَدَاوُد: وَاجِبَةٌ إذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي {فَكَاتِبُوهُمْ} وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ قُلْت إلَّا أَنَّهُ تَعَالَى قَيَّدَ الْوُجُوبَ بِقَوْلِهِ {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} نَعَمْ بَعْدَ عِلْمِ الْخَيْرِ فِيهِمْ تَجِبُ الْكِتَابَةُ وَفِي تَفْسِيرِ الْخَيْرِ أَقْوَالٌ لِلسَّلَفِ: الْأَوَّلُ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ وَمَرْفُوعٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ حِرْفَةً وَلَا تُرْسِلُوهُمْ كَلًّا عَلَى النَّاسِ». وَالثَّانِي: لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَيْرًا الْمَالُ. الثَّالِثُ: عَنْهُ أَمَانَةً وَوَفَاءً. الرَّابِعُ: عَنْهُ إنْ عَلِمْت أَنَّ مَكَاتِبَك يَقْضِيك وَقَوْلُهَا فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ وَفِي تَقْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّنْجِيمِ لَا عَلَى تَحَتُّمِهِ وَشَرْطِيَّتِهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْهَادِي وَغَيْرُهُمَا، وَقَالُوا التَّنْجِيمُ فِي الْكِتَابَةِ شَرْطٌ وَأَقَلُّهُ نَجْمَانِ. وَاسْتَدَلُّوا بِرِوَايَاتٍ عَنْ السَّلَفِ لَا تَنْهَضُ دَلِيلًا وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَأَحْمَدُ وَمَالِكٌ إلَى جَوَازِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ عَلَى نَجْمٍ لِقَوْلِهِ {فَكَاتِبُوهُمْ} وَلَمْ يُفَصِّلْ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ قَيَّدَ إطْلَاقَهَا الْآثَارَ عَنْ السَّلَفِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ، وَتَقْيِيدُ الْآيَاتِ بِآرَاءِ الْعُلَمَاءِ بَاطِلٌ. وَدَلَّ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - " خُذِيهَا " عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ تَعَسُّرِ الْإِيفَاءِ بِمَالِ الْكِتَابَةِ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ ثَلَاثَةٌ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: جَوَازُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute