٧٥٩ - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
الِاسْتِثْنَاءُ (إلَّا أَنْ تُعْلَمَ ") عَائِدٌ إلَى الْأَخِيرِ (رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)
اشْتَمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ نَهَى الشَّارِعُ عَنْهَا: الْأُولَى: الْمُحَاقَلَةُ وَفَسَّرَهَا جَابِرٌ رَاوِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهَا بَيْعُ الرَّجُلِ مِنْ الرَّجُلِ الزَّرْعَ بِمِائَةِ فَرَقٍ مِنْ الْحِنْطَةِ، وَفَسَّرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ بِأَنَّهَا بَيْعُ الطَّعَامِ فِي سُنْبُلِهِ، وَفَسَّرَهَا مَالِكٌ بِأَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ بِبَعْضِ مَا تُنْبِتُ وَهَذِهِ هِيَ الْمُخَابَرَةُ وَيُبْعِدُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَطْفُهَا عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبِأَنَّ الصَّحَابِيَّ أَعْرَفُ بِتَفْسِيرِ مَا رَوَى، وَقَدْ فَسَّرَهَا جَابِرٌ بِمَا عَرَفَ كَمَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ. وَالثَّانِيَةُ: الْمُزَابَنَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الزَّبْنِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الدَّفْعُ الشَّدِيدُ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدْفَعُ الْآخَرَ عَنْ حَقِّهِ، وَفَسَّرَهَا ابْنُ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِبَيْعِ التَّمْرِ أَيْ رُطَبًا بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَقَالَ تَفْسِيرُ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ فِي الْأَحَادِيثِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْصُوصًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِمَّنْ رَوَاهُ، وَالْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الرِّبَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّسَاوِي. وَالثَّالِثَةُ: الْمُخَابَرَةُ وَهِيَ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَهِيَ الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ الزَّرْعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْمُزَارَعَةِ. وَالرَّابِعَةُ: الثُّنْيَا فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا وَيَسْتَثْنِيَ بَعْضَهُ وَلَكِنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مَعْلُومًا صَحَّتْ نَحْوَ أَنْ يَبِيعَ أَشْجَارًا أَوْ أَعْنَابًا وَيَسْتَثْنِيَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً، فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِحُّ اتِّفَاقًا قَالُوا لَوْ قَالَ إلَّا بَعْضَهَا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَجْهُولٌ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْقَدْرَ الْمُسْتَثْنَى صَحَّ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ. هَذَا وَالْوَجْهُ فِي النَّهْيِ عَنْ الثُّنْيَا هُوَ الْجَهَالَةُ وَمَا كَانَ مَعْلُومًا فَقَدْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ فَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ النَّهْيِ وَقَدْ نَبَّهَ النَّصُّ عَنْ الْعِلَّةِ بِقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ تُعْلَمَ ".
وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَاضَرَةِ» بِالْخَاءِ وَالضَّادِ مُعْجَمَتَيْنِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْخُضْرَةِ (وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَالْمُزَابَنَةِ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) اشْتَمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى خَمْسِ صُوَرٍ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ مَنْهِيٍّ عَنْهَا: الْأُولَى الْمُحَاقَلَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute