. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَوْلُهُ وَلَا تَنَاجَشُوا وَهُوَ مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ نَهَى؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّجْشِ» الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ يُرْوَى بِرَفْعِ الْمُضَارِعِ عَلَى أَنْ لَا نَافِيَةٌ وَبِجَزْمِهِ عَلَى أَنَّهَا نَاهِيَةٌ وَإِثْبَاتُ الْيَاءِ يُقَوِّي الْأَوَّلَ، وَعَلَى الثَّانِي فَبِأَنَّهُ عُومِلَ الْمَجْزُومُ مُعَامَلَةَ غَيْرِ الْمَجْزُومِ فَتُرِكَتْ الْيَاءُ وَفِي رِوَايَةٍ بِحَذْفِهَا فَلَا إشْكَالَ، وَصُورَةُ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ فَيَأْتِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ رَجُلٌ فَيَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: افْسَخْ هَذَا الْبَيْعَ وَأَنَا أَبِيعُك مِثْلَهُ بِأَرْخَصَ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَكَذَا الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ هُوَ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ: افْسَخْ الْبَيْعَ وَأَنَا أَشْتَرِيه مِنْك بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ، وَصُورَةُ السَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ أَنْ يَكُونَ قَدْ اتَّفَقَ مَالِكُ السِّلْعَةِ وَالرَّاغِبُ فِيهَا عَلَى الْبَيْعِ وَلَمْ يَعْقِدْ فَيَقُولُ آخَرُ لِلْبَائِعِ أَنَا أَشْتَرِيه مِنْك بِأَكْثَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَأَنَّ فَاعِلَهَا عَاصٍ.
وَأَمَّا بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ مِمَّنْ يَزِيدُ فَلَيْسَ مِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ بَابَ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ صَرِيحًا مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ حَسَنٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ حِلْسًا وَقَدَحًا وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْحِلْسَ وَالْقَدَحَ فَقَالَ رَجُلٌ: آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ فَقَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ فَبَاعَهُمَا مِنْهُ» وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ مِمَّنْ يَزِيدُ اتِّفَاقًا وَقِيلَ إنَّهُ يُكْرَهُ وَاسْتَدَلَّ لِقَائِلِهِ بِحَدِيثٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ " سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ» وَلَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ زَادَ فِي مُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ. وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ، وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِهَا إذَا كَانَ قَدْ صَرَّحَ بِالْإِجَابَةِ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَتْرُكْ، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَالْحَالُ هَذِهِ عَصَى اتِّفَاقًا وَصَحَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ دَاوُد يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَنِعْمَ مَا قَالَ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ التَّصْرِيحَ بِالْإِجَابَةِ وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ «فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَإِنَّهَا قَالَتْ: خَطَبَنِي أَبُو جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةُ فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِطْبَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ» بَلْ خَطَبَهَا مَعَ ذَلِكَ لِأُسَامَةَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا بِخِطْبَةِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ بِأُسَامَةَ لَا أَنَّهُ خَطَبَ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَقَوْلُهُ أَخِيهِ أَيْ فِي الدِّينِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ أَخٍ كَأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute