٨٢٤ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيُتْبَعْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ «وَمَنْ أُحِيلَ فَلْيَحْتَلْ».
وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَتَمَاثُلُ الصِّفَاتِ وَأَنْ تَكُونَ فِي الشَّيْءِ الْمَعْلُومِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهَا بِمَا دُونَ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى. (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَطْلُ الْغَنِيِّ) إضَافَةٌ لِلْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ أَيْ مَطْلُ الْغَنِيِّ غَرِيمَهُ، وَقِيلَ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَطْلُ الْغَرِيمِ لِلْغَنِيِّ (ظُلْمٌ) وَبِالْأَوْلَى مَطْلُهُ الْفَقِيرَ (وَإِذَا أُتْبِعَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُلَاءِ بِالْهَمْزَةِ يُقَالُ مَلُؤَ الرَّجُلُ أَيْ صَارَ مَلِيئًا (فَلْيُتْبَعْ) بِإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْضًا مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ كَالْأَوَّلِ أَيْ إذَا أُحِيلَ فَلْيَحْتَلْ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَطْلِ مِنْ الْغَنِيِّ، وَالْمَطْلُ هُوَ الْمُدَافَعَةُ، وَالْمُرَادُ هُنَا تَأْخِيرُ مَا اُسْتُحِقَّ أَدَاؤُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ قَادِرٍ عَلَى الْأَدَاءِ وَالْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْغَنِيِّ الْقَادِرِ أَنْ يَمْطُلَ بِالدَّيْنِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ. وَمَعْنَاهُ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ وَفَاءُ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّهُ غَنِيًّا فَلَا يَكُونُ غِنَاهُ سَبَبًا لِتَأْخِيرِ حَقِّهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْغَنِيِّ فَفِي حَقِّ الْفَقِيرِ أَوْلَى. وَدَلَّ الْأَمْرُ عَلَى وُجُوبِ قَبُولِ الْإِحَالَةِ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ عَلَى صَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَعَلَى الْوُجُوبِ حَمَلَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي أَنَّ الْمَطْلَ كَبِيرَةٌ يَفْسُقُ صَاحِبُهُ فَلَا نُكَرِّرُهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يَفْسُقُ قَبْلَ الطَّلَبِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَاَلَّذِي يُشْعِرُ بِهِ الْحَدِيثُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطَّلَبِ لِأَنَّ الْمَطْلَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَهُ، وَيَشْمَلُ الْمَطْلُ كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ كَالزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ وَالسَّيِّدُ فِي نَفَقَةِ عَبْدِهِ. وَدَلَّ الْحَدِيثُ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ مَطْلَ الْعَاجِزِ عَنْ الْأَدَاءِ لَا يَدْخُلُ فِي الظُّلْمِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ يَقُولُ لَا يُسَمَّى الْعَاجِزُ مَاطِلًا، وَالْغَنِيُّ الْغَائِبُ عَنْهُ مَالُهُ كَالْمَعْدُومِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُعْسِرَ لَا يُطَالَبُ حَتَّى يُوسِرَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ جَازَتْ مُؤَاخَذَتُهُ لَكَانَ ظَالِمًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ بِظَالِمٍ لِعَجْزِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لِفَقْرٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute