٨٣٧ - عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) بِنَاءً مِنْهُ عَلَى سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَلِلْحَافِظِ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ سُمِعَ مِنْهُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ. وَالثَّانِي لَا مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَابْنِ حِبَّانَ. وَالثَّالِثُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا حَدِيثُ الْعَقِيقَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ النَّسَائِيّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَادَّعَى عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ رَدِّ مَا قَبَضَهُ الْمَرْءُ وَهُوَ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِمَصِيرِهِ إلَى مَالِكِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لِقَوْلِهِ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ وَلَا تَتَحَقَّقُ التَّأْدِيَةُ إلَّا بِذَلِكَ وَهُوَ عَامٌّ فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَذَكَرَهُ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ لِشُمُولِهِ لَهَا، وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالشَّافِعِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا يَأْتِي مِمَّا يُفِيدُ مَعْنَاهُ، وَالثَّانِي لِلْهَادِي وَآخَرِينَ مَعَهُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا يَجِبُ ضَمَانُهَا إلَّا إذَا شُرِطَ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ صَفْوَانَ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ لِلْحَسَنِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ وَإِنْ ضُمِنَتْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرُ الْمُغَلِّ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرُ الْمُغَلِّ ضَمَانٌ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَضَعَّفَاهُ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ عَلَى شُرَيْحٍ. وَقَوْلُهُ الْمُغَلُّ بِضَمِّ الْمِيمِ فَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ إذَا لَمْ يَخُنْ فِي الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِغْلَالِ وَهُوَ الْخِيَانَةُ وَقِيلَ الْمُغِلُّ الْمُسْتَغِلُّ وَأَرَادَ بِهِ الْقَابِضَ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ يَكُونُ مُسْتَغِلًّا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَحِينَئِذٍ فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. عَلَى أَنَّهُ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَلَوْ صَحَّ رَفْعُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُسْتَعِيرٌ لِأَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ الضَّمَانَ لَلَزِمَهُ.
وَحَدِيثُ الْبَابِ كَثِيرًا مَا يُسْتَدَلُّونَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» عَلَى التَّضْمِينِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ صَرِيحًا فَإِنَّ الْيَدَ الْأَمِينَةَ أَيْضًا عَلَيْهَا مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ وَلِذَلِكَ قُلْنَا وَرُبَّمَا يُفْهَمُ وَلَمْ يَبْقَ دَلِيلٌ عَلَى تَضْمِينِ الْعَارِيَّةِ إلَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ فَإِنَّ وَصْفَهَا بِمَضْمُونَةٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا صِفَةٌ مُوَضِّحَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ شَأْنِهَا الضَّمَانُ فَيَدُلُّ عَلَى ضَمَانِهَا مُطْلَقًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا صِفَةٌ لِلتَّقْيِيدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute