. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الطَّحَاوِيُّ) أَيْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ» وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ) الْأَلْفَاظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ تَضَافَرَتْ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَلشَّرِيكِ فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْبَسَاتِينِ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّا يُقْسَمْ، وَفِيمَا لَا يُقْسَمْ كَالْحَمَّامِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ خِلَافٌ. وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ - وَفِي الْبَحْرِ الْعِتْرَةُ - إلَى صِحَّةِ الشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ الطَّحَاوِيِّ، وَمِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مَرْفُوعًا «الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» وَإِنْ قِيلَ إنَّ رَفْعَهُ خَطَأٌ فَقَدْ ثَبَتَ إرْسَالُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ شَاهِدٌ لِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّ مُرْسَلَ الصَّحَابِيِّ إذَا صَحَّتْ إلَيْهِ الرِّوَايَةُ حُجَّةٌ، وَعَنْ الْمَنْصُورِ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ فَأُجِيبَ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا وَهُوَ إسْقَاطُ حَقِّ الْجِوَارِ وَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ الضَّرَرُ وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى عَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الْمَنْقُولِ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْعَقَارِ وَتَلْحَقُ بِهِ الدَّارُ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ " أَوْ رَبْعٍ " قَالُوا وَلِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْمَنْقُولِ نَادِرٌ وَأُجِيبَ بِأَنْ ذِكْرَ حُكْمِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ لَا يَقْصِرُهُ عَلَيْهِ؛ قَالُوا وَلِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ الْحَصْرِ فِيهِمَا. الْأَوَّلُ «وَلَا شُفْعَةَ إلَّا فِي رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ»، وَلَفْظُ الثَّانِي «لَا شُفْعَةَ إلَّا فِي دَارٍ أَوْ عَقَارٍ» إلَّا أَنَّهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ سِيَاقِهِ لَهُ: الْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا لَوْ ثَبَتَتْ لَكَانَتْ مَفَاهِيمُ وَلَا يُقَاوِمُ مَنْطُوقَ " فِي كُلِّ شَيْءٍ " وَمِنْهُمْ مِنْ اسْتَثْنَى مَنْ الْمَنْقُولِ الثِّيَابَ فَقَالُوا تَصِحُّ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَيَوَانَ فَقَالَ تَصِحُّ فِيهِ شُفْعَةٌ. وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَلشَّرِيكِ بَيْعُ حِصَّتِهِ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ، وَأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ الْبَيْعُ قَبْلَ عَرْضِهِ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَهُوَ حَمْلٌ عَلَى خِلَافِ أَصْلِ النَّهْيِ بِلَا دَلِيلٍ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ لِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ بَعْدَ أَنْ آذَنَهُ شَرِيكُهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا تَقَدُّمُ إيذَانِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَكَمُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ ضَوْءِ النَّهَارِ، وَفِي قَوْلِهِ أَنْ يَبِيعَ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ فِيمَا كَانَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَفِي غَيْرِهِ خِلَافٌ. وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَشْمَلُ الشُّفْعَةَ فِي الْإِجَارَةِ وَقَدْ مَنَعَهَا الْهَادَوِيَّةُ وَقَالُوا إنَّمَا تَكُونُ فِي عَيْنٍ لَا مَنْفَعَةٍ، وَضَعُفَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تُسَمَّى شَيْئًا وَتَكُونُ مُشْتَرَكَةً فَشَمِلَهَا " فِي كُلِّ شِرْكٍ " أَيْضًا إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ شَيْئًا وَلَا مُشْتَرَكَةً لَمَا صَحَّ التَّأْجِيرُ فِيهَا وَلَا الْقِسْمَةُ بِالْمُهَايَأَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهِيَ بَيْعٌ مَخْصُوصٌ فَيَشْمَلُهَا «لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ» فَالْحَقُّ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيهَا لِشُمُولِ الدَّلِيلِ لَهَا وَلِوُجُودِ عِلَّةِ الشُّفْعَةِ فِيهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (فِي كُلِّ شِرْكٍ) أَيْ مُشْتَرَكٍ ثُبُوتُهَا لِلذِّمِّيِّ فِي الْمُسْلِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute