٥٨ - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَوْقُوفًا - وَعَنْ أَنَسٍ - مَرْفُوعًا - «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، وَلَا يَخْلَعْهُمَا إنْ شَاءَ إلَّا مِنْ الْجَنَابَةِ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
٥٩ - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ: «أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
عَلَى الْعَمَائِمِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا الطَّهَارَةُ لِلرَّأْسِ وَالتَّوْقِيتُ كَالْخُفَّيْنِ؟ نَجِدُ فِيهِ كَلَامًا لِلْعُلَمَاءِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَوَاشِي الْقَاضِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى بُلُوغِ الْمَرَامِ: أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعَمَائِمِ أَنْ يَعْتَمَّ الْمَاسِحُ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ كَمَا يَفْعَلُ الْمَاسِحُ عَلَى الْخُفِّ، وَقَالَ: وَذَهَبَ إلَى الْمَسْحِ عَلَى الْعَمَائِمِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِمَا ادَّعَاهُ دَلِيلًا. وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْمَسْحِ عُذْرٌ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ مَسْحُهَا وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الرَّأْسَ مَاءٌ أَصْلًا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَطْ، وَمَسَحَ عَلَى النَّاصِيَةِ: وَكَمَّلَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا لِلْعُذْرِ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمْ الْبَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ» فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْعُذْرِ، وَفِي هَذَا الْحَمْلِ بُعْدٌ، وَإِنْ جَنَحَ إلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي الشَّرْحِ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فِي غَيْرِ هَذَا.
[وَعَنْ " عُمَرَ " مَوْقُوفًا. الْمَوْقُوفُ هُوَ: مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ الصَّحَابِيِّ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَعَنْ " أَنَسٍ " مَرْفُوعًا إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا»
تَقْيِيدُ اللُّبْسِ وَالْمَسْحِ بِبَعْدِ الْوُضُوءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِطَاهِرَتَيْنِ فِي حَدِيثِ " الْمُغِيرَةِ " وَمَا فِي مَعْنَاهُ الطَّهَارَةُ الْمُحَقَّقَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ «وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَلَا يَخْلَعْهُمَا إنْ شَاءَ» قَيَّدَهُمَا بِالْمَشِيئَةِ دَفْعًا لِمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْأَمْرِ مِنْ الْوُجُوبِ، وَظَاهِرُ النَّهْيِ مِنْ التَّحْرِيمِ «إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ يَجِبُ خَلْعُهُمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. وَالْحَدِيثُ قَدْ أَفَادَ شَرْطِيَّةَ الطَّهَارَةِ وَأَطْلَقَهُ عَنْ التَّوْقِيتِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِهِ، كَمَا يُفِيدُهُ حَدِيثُ " صَفْوَانَ "، وَحَدِيثُ " عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute